عندما سقط حسين رياض على خشبة المسرح

عندما سقط حسين رياض على خشبة المسرح

المغرب اليوم -

عندما سقط حسين رياض على خشبة المسرح

بقلم/ شيماء مكاوي

ولد حسين رياض  من أب مصري و أم سورية اشتهر بدور الأب، هو من اصل تركي فهو من سلالة اسرة تركية عريقة تنتهي بها شجرة العائلة الي الجدود من حكام جزيرة "كريت"، والده السيد "محمود شفيق" كان يعمل تاجر جلود وهو اول من ادخل صناعة دبغ الجلود بمصر ، وكان ابي يقيم ببيت كبير وهو بيت العائلة في حي "الحلمية"..

كان يتميز بالطيبة والكرم الزائد وإحترامه للتقاليد والعادات التي تحكم مجتمعنا الشرقي وكان يتعامل مع ابناؤه من هذا المنطق ، و ذات يوما اتصلت به عروس من طنطا ووفر لها حجرة نوم لزوجها وايضا وقف بجوار العديد من الطلاب وهذا ان دل على شئ فيدل على كرمه الزائد.

كان دائما يحرص على ممارسة الرياضة حفظا على لياقته ومظهره وكثيورن لا يعلمون انه كان يهوي رياضة حمل الاثقال ( الحديد والصاندو)، ايضا كان يهوي لعب الطاولة ، وسماع اغني "ام كلثوم" وخاصة اغنية "نهج البرده"، وكان دائما يحرص على عقد صالون ثقافي ادبي شعري بمنزله على فترات دورية ، حيث كان القاسم المشترك  في هذه الصالونات الشاعر ابراهيم ناجي ،والشاعر الاذاعي امام الصفتاوي ، والموسيقار محمد عبده صالح ،والفنانة زوزو عبده الحكيم ، والفنانة زينب صدقي ،وينضم إليهم في كل جلسة العديد من الفنانون والمطربين والادباء والاطباء وضباط ويناقشون قضايا ومواضيع مختلفة..

يعتبر من جيل الرواد الذين ضحوا بالكثير من اجل الفن في الوقت التي لم تكن النظرة للفن تحظى بالتقدير الواجب كما هي الان ،  فقد ترك دراسته بالكلية الحربية وكون هو وزملائه يوسف وهبي واحمد علام وعباس فارس ، وحسن فايق ، وغيرهم فرقة  "هواه التمثيل المسرحي"وكانوا ينفقون من مواردهم الخاصة وكان يشرف على تدريبهم إسماعيل وهبي شقيق يوسف وهبي ثم عبد الحميد حمدي ، وفي يوم دعت الفرقة الاستاذ عزيز عيد الذي كان من رواد الفن المسرحي وذلك ليشاهد عرض "فقراء باريس" وبعد انتهاء العرض دخل لهم الكواليس لتحيتهم ثم سأل حسين رياض قائلا : ناوي تعمل ايه؟ قال له ساكمل دراستي بالكلية الحربية خضوعا لرغبة الاسرة ، فاحتضنه عزيز عيد وربت على كتفه وقال له ( اسمع كلامي يوجد ألف ضابط  حتكون واحد منهم لكن لو سلكت طريق التمثيل سيكون هناك حسين رياض واحد فقط) وكانت هذه الكلمات هي كلمة القدر بالنسبة له واتجاهه كلية لفن التمثيل..

التحق بفرقة عزيز عيد وفاطمة رشدي ثم الكسار ثم اولاد عكاشة  ثم جورج ابيض واخيرا المسرح القومي ، ويذكر في هذا الصدد انه كان يؤدي دوره في مسرحية "النسر الصغير " بفرقة فاطمة رشدي و عزيز عيد سنة 1932 واصيب بحمى شديدة وسقط من الاعياء الشديد ونقلوه الي المستشفى وحاولوا اقناعه بالراحة ولكنه واصل التمثيل في اليوم التالي مباشرة ، ولما عاتبته فاطمة رشدي قال لها ان امنية الفنان ان يموت على خشبة المسرح!!

قدم 320 فيلم سينمائي ، 240 مسرحية ، و150 مسلسل وتمثيلية اذاعية من اشهرها مسلسل "القط الاسود" واستحوذ على آذان المستمعين في التمثيلية الاذاعية "الناصر صلاح الدين" ، و50 مسلسل تلفزيوني اشهرها رئيس العصابة في "الثقوب السوداء" والعمدة في "هارب من الايام"..

خاض تجربة الانتاج السينمائي حيث كون شركة انتاج سينمائي مع عمي وشقيقه الفنان فؤاد شفيق وروحية خالد لانتاج فيلم "دعاء الكروان" ثم تعثر المشروع ولم يتم..

كان يتمنى تجسيد شخصية محمد علي مؤسس النهضة الحديثة بمصر ، وهو اول ممثل يعرض عليه تجسيد هذه الشخصية ايام حكم الملك فاروق حيث عرضت عليه السرايا تجسيد هذه الشخصية لامكاناته الفنية وللتقارب الشديد في الملامح وكان يقوم بدور الوسيط في المباحثات الفنان سليمان بك نجيب لقربة من السرايا في ذلك الوقت وقد صرح له ان السرايا ستنعم عليه بلقب الباكوية بعد انتهاء الفيلم ولكن لاسباب مختلفة وبعضها سياسي تعثر الموضوع...

قام بالتمثيل الغنائي في العديد من الاوبرتات واشهرها "الارملة الطروب" مع رتيبة الحفني ، و "شهرزاد" ، "الباروكة"، و"العشرة الطيبة .

ايضا غنى للاطفال العديد من الاغنيات مثل اغنية "جدو يا جدو " او "الثعلب فات" تلحين محمد ضياء الدين ، حيث تعد هذه الاغنية من الاغنيات المميزة للاطفال والتي لاقت نجاحا كبيرا ولا تزال تذاع بالاذاعة حتى الان.

صاحب مدرسة فنية خاصة به تقوم على تجسيد الصراع الخفي الداخلي والملموس والمحسوس في نفس الوقت بطريقة هادئة تلقائية دون اللجوء للشخصية المبالغ فيها من صوت جهوري  او لهجة خطابية او تشنجات خطابية ، ايضا من اقوى سماته الفنية التركيز على التعبير بنظرات العين وحركات الايدي وقد جمع النقاد في هذه السمه بينه وبين النجمين العالميين ( انتوني هوبكنز) و ( بيتر اوستينوف) كما نشرت مقارنة بينه وبين النجم العالمي (تشارلزلوتن) الذي قام بدور السجين في النسخة الاجنبية لفيلم "امير الانتقام"وكتب ان حسين رياض تفوق عليه ويستحق الاوسكار عن هذا الدور.

كان يهتم بشجيع المواهب الشابة ومن تلاميذه الذي كان يعتبرهم ابنائه .. فاتن حمامة وحسن يوسف وعمر الحريري وصلاح قابيل وزبيده ثروت وعبد الحليم حافظ وكان يعتني جدا بالفنانة هند رستم ووردة وماجدة الصباحي ومن المواقف المشهورة عنه انه كاد يقدم استقالته من المسرح القومي اذا لم يتم تعيين الفنان حسن يوسف وتم تعينه بالفعل..

كان يعيش بكل وجدانه مع الشخصية التي يؤديها حيث انه اثناء تأديته لدور الزوج المشلول في فيلم " الاسطى حسن" اصيب بالشلل فعلا وتم علاجه وشفاؤه.

حصل على العديد من التكريمات في حياته وبعد رحيله ، ففي حياته اهداه الزعيم جمال عبد الناصر وسام العلوم والفنون من الطبقة الاولى في احتفال عيد العلم عام 1963 ، وحصل على العديد من شهادات التقدير من وزارة الثقافة والارشاد القومي في ذلك الوقت عن افلام "موعد مع الحياة" و"حياة او موت " و"رد قلبي", "الملاك الصغير" ، وبعد وفاته اطلق اسمه على احدى شوارع النزهة الجديدة وكرمته الهيئة القومية للبريد بإصدار طابع بريد خاص به ومؤخرا قامت جمعية فن السينما بتكريمة في مهرجان اوسكار السينما المصرية في الدورة الواحد والثلاثين وتم تسليم درع المهرجان للفنان حسين رياض.

بدأت اصابته بمبادئ الذبحة الصدرية اثناء تسجيلة لبرنامج "تمم" للإعلامية ليلى رستم وكان يذاع على الهواء بالتلفزيون ، وطلب منه الطبيب المعالج الراحة التامة بالفراش ولكنه كان يردد ( الموت اهون من الرقاد) و( امنية الفنان ان يموت على المسرح) وهو ما حدث فعلا ، حيث نزل الي المسرح بعد وقت قصير وقال كل من  شاهده انه كان يتحرك على المسرح في حيوية رجل في العشرين من عمره ، وبعدها بسته ايام سقط على خشبة المسرح فاقد الوعي اذ عاودته الذبحة وكانت النهاية لتصعد روحه الي بارئها ومات كالجندي في الميدان ليبقى في ذاكرة السينما وتاريخها رمزا عظيما ..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما سقط حسين رياض على خشبة المسرح عندما سقط حسين رياض على خشبة المسرح



GMT 10:05 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

كمال الشناوي

GMT 09:28 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

يوسف شعبان

GMT 14:51 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

شادية

GMT 12:01 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

محمود يس الفنان الذي علم أجيال

GMT 14:37 2018 الجمعة ,28 أيلول / سبتمبر

مخرجو أفلام حرب أكتوبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 06:07 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

صادرات الحبوب الأوكرانية تقفز 59% في أكتوبر

GMT 06:23 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

صندوق النقد يتوقع نمو اقتصاد الإمارات بنسبة 5.1% في 2025

GMT 06:50 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لتحديد أفضل وقت لحجز رحلاتكم السياحية بسعر مناسب

GMT 04:32 2020 الإثنين ,23 آذار/ مارس

ستائر غرف نوم موديل 2020

GMT 15:48 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتسرّع في خوض مغامرة مهنية قبل أن تتأكد من دقة معلوماتك

GMT 05:27 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تشن حملة ضد ممثلة نشرت صورها دون الحجاب

GMT 07:16 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

الهاتف "ري فلكس" يطوى ليقلب الصفحات مثل الكتاب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib