دور الأجهزة الرقابية في وقاية المجتمع من الفساد

دور الأجهزة الرقابية في وقاية المجتمع من الفساد

المغرب اليوم -

دور الأجهزة الرقابية في وقاية المجتمع من الفساد

بقلم الدكتور - عادل عامر

إن البلدان التي تتمتع بحريات سياسية واسعة مع استبعاد أثر المتغيرات الأخرى قد حققت أداء أفضل في توفير التعليم الأساسي والصحة والحد من تضارب المصالح وتنفيذ سياسات سلمية واحترام المواطنين والحكومة أو سياسات الدولة ولكي يتمتع المواطنون بثمار الديمقراطية والاقتصاد القائم على آليات السوق

كما أن منع الفساد مسألة مهمة في السياق الاجتماعي والسياسي، كما يتضح ليس فقط من الحالات الأخيرة من الفساد، ولكن أيضا عن طريق زيادة الوعي بهذه المشكلة. إذ يسبب الفساد أضرار اقتصادية خطيرة تتعارض مع المنافسة العادلة ويضعف الثقة في سلامة وسير عمل الإدارة العامة. من أجل محاربة الفساد على كافة مستويات الإدارة، فمن المهم تعزيز اليقظة تجاه النشاطات المتصلة بالفساد، مع التركيز على منع مثل هذا النشاط بالتدابير الوقائية، بما في ذلك آليات وضع رقابة فعالة والتي تكون ضرورية لمواجهة العديد من العوامل التي تساهم في الفساد.

فلابد من أن تتوفر لهم المؤسسات والآليات المناسبة التي تمكنهم من التعامل السليم مع الأجهزة الحكومية ومساءلتها ومحاسبتها وبمعنى آخر فإن مبادرات الإصلاح ترتكز على تعزيز الحكم الديمقراطي الرشيد في الحياة الاقتصادية وهذا هو جوهر التوجهات والسياسات الجديدة للإصلاح الإداري والمتعلقة بضبط المشتريات الحكومية والمناقصات العامة والحد من مخاطر التواطؤ وذلك عن طريق توفير كافة المعلومات اللازمة عند طرح المناقصة او الممارسة الحكومية

مع تجنب وضع الحواجز غير الضرورية التي قد تقلل من عدد مقدمي العطاءات عن طريق ووضع حدود دنيا من الشروط تتناسب مع حجم ومحتوى العقود أن استفحال الفساد الإداري لا يرجع إلى ضعف النصوص الجنائية، ولكن في أغلب الأحوال يرجع إلى عدم مراعاة بعض الأجهزة الرقابية للإجراءات الجنائية،

 مما يخلق ثغرات ينفذ منها المتهم من العقوبة، يساهم الفساد في تدني كفاءة الاقتصاد العام، حيث انه يحد من الموارد المخصصة للاستثمار ويسيء توجيهها أو يزيد من كلفتها، وكذلك أضعاف مستوى الجودة في البنية التحتية العامة

من هنا تحرص مصر على محاربة الفساد الاداري والمالي لأنه يشكل آفة خطيرة في جميع ميادين الأمن والاقتصاد والتنمية ويؤدي إلى انهيارها مما يسبب اعاقة تقدم البلد ونهب ثرواته ومنع حركة العمران التقدم والرفاهية الاقتصادية.

  يعد الجهاز الإداري أول المتأثرين من الفساد الإداري على اعتبار أنه مسرح الجريمة، إذ تقوم مظاهر الفساد بالضغط على الجهاز الإداري للخروج بقرارات غير رشيدة وليست في مصلحة الهدف العام للجهاز الإداري وبالتالي إضعاف كفاءة وفعالية المنظمة.

   كما يؤدي الفساد الإداري إلى أضعاف قواعد العمل الرسمية ونظمه المعتمدة في الجهاز الإداري المعني والحيلولة دون تحقيقه لأهدافه الرسمية كلياً أو جزئياً وحرف إمكاناته المادية وطاقاته البشرية عن هذه الأهداف وخلق التشويش بدل الانتظام في عمليات اتخاذ القرارات فيه. كذلك من شأن الفساد الإداري أن يضعف دور القيادات وفاعليتها داخل الأجهزة الإدارية

التدابير القانونية البحتة وحدها لا يمكن أن تكون فعالة تماما في مواجهة الفساد. بل يجب أن تشكل جزءا أساسيا من استراتيجية يتضمن انظمة قانونية تعمل بشكل جيد، واللوائح وكذلك العملية الإدارية والمؤسسات التي يتم من خلالها تنفيذها. التجربة وهذا يتطلب النظام القانوني مستقل ويعمل، بالإضافة إلى وجود قضاء فعال، ومساءلة، محمية من التدخل السياسي.

والرقابة الادارية أصبحت هي الفارس الوحيد في هذا البلد الذي يحارب الفساد بعد ان سيطر رجال مبارك على باقي الاجهزة الرقابية وجعلوها ادوات لطي ملفات الفساد في الكتمان، هؤلاء تعودوا على الصمت وعلى حماية الفاسدين، فلذا لم يبق في الساحة الا هذا الجهاز الوطني يحارب شياطين الفساد في بر مصر كله.

فلقد أصبحت هيئة الرقابة الادارية هي سلاح الشعب المصري الوحيد في مواجهة لوبيات الفساد وهي تعمل بدون مساندة من أحد فهي تحاول أن تقوم بما يمنحها القانون من سلطات أو ما يكلفها به رئيس الجمهورية، وهي مسئولية كبيرة يجب أن تجد معاونة من باقي الأجهزة ومن شركاء المجتمع في مكافحة هذه الآفة الخطيرة

بناء علي ذلك لا شك أن قضية مكافحة الفساد تعد القضية الرئيسية بالنسبة لجميع دول العالم سواء كانت دول متقدمة أو نامية , فالفساد بأشكاله المختلفة ظاهرة منتشرة في جميع الدول ولكن بدرجات متفاوتة من حيث مدى خطورته على النظم الإدارية و الاجتماعية  و الاقتصادية و السياسية القائمة , وأيماناً من الدول والمنظمات الدولية بخطورة الفساد وأثاره المدمرة على إمكانيات الدول والمجتمعات والشعوب فقد سعت الأمم المتحدة إلى وضع اتفاقية دولية لمكافحة الفساد بغرض تنسيق الجهود الدولية لمكافحته من خلال تعزيز النظم الوطنية لتكون انطلاقه لجميع الدول وأفراد المجتمع الدولي للسعى الحثيث نحو محاصرته ومكافحته .

وبالفعل وضعت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها رقم 58/4 المؤرخ في 21/10/2003 وقد انضم لهذه الاتفاقية العديد من الدول ومن بينها مصر أيماناً منها بأن قضية مكافحة الفساد وخصوصاً عقب ثورتي 25 يناير و30 يونيو لم تعد شأناً داخلياً خالصاً بل ان الأمر يحتاج إلى تضافر الجهود الدولية لمواجهته وكذا تدعيم النظم الداخلية حتى تكون أكثر فاعليه في مكافحته.

تضمن الدستور المصري المعُدل عام 2014 فصلاً للهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من المادة 215 حتى المادة 221. المواد من 215 حتى 217 تضمنت تمتع الأجهزة الرقابية بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفني والمالي والإداري ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عملها وتمنح ضمانات واستقلالية وحماية لأعضائها بما يكفل لهم الحياد والاستقلال ويعين رئيس الجمهورية رؤسائها بعد موافقة مجلس النواب لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمره واحدة ولا يُغفى أي منهم من منصبة إلا في الحالات المحددة بالقانون وتعد من تلك الهيئات البنك المركزي ، الهيئة العامة للرقابة المالية ، الجهاز المركزي للمحاسبات ، هيئة الرقابة الإدارية.

المادة 218 " تلتزم الدولة بمكافحة الفساد وتلتزم الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها في مكافحة الفساد، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ضماناً لحسن اداء الوظيفة العامة ووضع ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية ".

لذلك يجب وجود علاقة وترابط وثيق بين استراتيجيات مكافحة الفساد الاداري والمالي والأداء التنظيمي، من خلال زيادة فاعلية وكفاءة المنظمة في تحقيق اهدافها. إمكانية تطوير الاداء التنظيمي، وتفعيل دور الأجهزة الرقابية واستقلاليتها وضرورة تفعيل دور الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني من محاربة الإفساد والمفسدين ونشر الوعي التثقيفي للمجتمع بتقبيح الفساد والإعلان عن مرتكبيه مع تحفيز الموظفين الشرفاء ودعمهم مادياً ومعنوياً.

 إن المناخ الذي تعيشه مصر الآن يستوجب البحث عن أهل الأمانة في تولي المناصب وضرورة بذل الجهود لاسترداد الأموال المنهوبة، ولابد من تجفيف منابع الفساد المتمثلة في البطالة والتضخم والفقر والظلم الاجتماعي بوضع استراتيجية لمكافحتهما يتعاون في تنفيذها كافة مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني والأعلام.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دور الأجهزة الرقابية في وقاية المجتمع من الفساد دور الأجهزة الرقابية في وقاية المجتمع من الفساد



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
المغرب اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب

GMT 19:58 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تكشف عن قدرات النمل في علاج نفسه والنباتات

GMT 16:57 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تأجيل مباراة الرجاء البيضاوي ورجاء بني ملال

GMT 13:23 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لعبة SPIDER-MAN الأكثر مبيعا داخل اليابان في سبتمبر

GMT 15:35 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

وفاة شخص في حادثة سير خطيرة وسط الدار البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib