أيـهـا الـمـسـتـقـبـل انـتـظـرتـنـا مـا يـكـفـي

أيـهـا الـمـسـتـقـبـل انـتـظـرتـنـا مـا يـكـفـي

المغرب اليوم -

أيـهـا الـمـسـتـقـبـل انـتـظـرتـنـا مـا يـكـفـي

حمـري بحـري

أيها المستقبل ، انتظرتنا ما يكفي ، ارحل فنحن لا نفكر فيك ، لا نريد ان نحلم بما تحلم ، أو بما تريد أن تأخذنا اليه ، فنحن ما ضاويون ، ماضينا في حاضرنا ، يسكننا مثلما تسكن الروح الجسد ، نتنفس انفاسه ، وما نفكر فيه حاضرا ، هو ما فكر فيه الأسلاف ، طاعة الحاكم من طاعة الله ، ولا حكم الا حكم الخلافة ، لماضينا نغني ، ولماضينا نطلق الكلمة ، لم يترك السلف ما يفكر فيه الخلف ، في ماضينا حلول لمشاكلنا ، هل بهذا الفهم الساذج ، نعيش عصرنا ، الذي يعتبر خلاصة كل العصور ، وهو عصر العلم والمعرفة ، الذي اصبح العالم فيه عبارة عن قرية صغيرة ، صحيح ان الماضي يسكن فينا ، وهو ليس كله انجازات ، وليس كله خيبات ، فيه ما هو معقول ، وما هو غير معقول ، أي فيه ما هو مظلم ، وفيه ما هو مضيء ، يمكن ان يضيء الطريق امامنا ، وهذا الجزء المضيء من ماضينا ، هو ما ينبغي ان يتحرك معنا وفينا ، ونرمي بأبصارنا الى المستقبل ، وأن حاضرنا هو ما نحن فيه ، ولا نغير هذا الحاضر الا بالعمل ، وبالعمل وحده ، ونتجاوز مقولة : حب الوطن من الايمان ، الى مقولة : استثمار الزمن من حب الوطن ، كما نتجاوز مقولة : كل بدعة ضلالة الى مقولة : كل بدعة من روح الجلالة ، و الله مبدع لا يحب الا المبدعين من عباده الصالحين ، وهو جميل يحب الجمال . علينا ان ندرك انا نعيش عصرا لا نشارك في صنعه ، ولا نشارك في ضروب النشاط العقلي الذي تميز به ، ولم يترك كبيرة ولا صغيرة ، من ظواهر الطبيعة ، الا وتناولها بالتحليل ، كاشفا علاقاتها غير المرئية ، واستغلالها في خدمة الناس ، على اختلاف مشاربهم ، ونحن في هذا العصر ، الذي تداخلت فيه ابعاد الحاضر بالمستقبل ، وصار الانسان من خلال الحاضر ، يدرس ملامح المستقبل كيف يكون ، حتى ولو كان ذلك بشكل نسبي ، لأن التكهن بالمستقبل امر لا يخضع للدراسة العلمية ، ومع هذا يمكن القول ، أن الحاضر الجيد ، يؤدي الى المستقبل الجيد ، ولكن ليس في جميع الحالات . ما زلنا لا نمد بأبصارنا الى المستقبل ، وعقولنا مشدودة في حاضرنا ، الذي هو ليس من صنعنا ، نتفرج عن العصر الذي هاجمنا ، ونحن في غفلة من أمرنا ، مما جعل بيننا وبين الغرب هوة كبيرة في اللحاق به ، وخاصة فينا من يطالب اليوم بالعود الى الاسلام ، وكأننا شعب غير مسلم ، ويطالب بالخلافة كنظام للحكم ، ويدعوا الى دولة اسلامية ، مثلما هو حاصل اليوم ، في مصر وتونس وليبيا ، وهو ما يطالب به ايضا المسلحون في سوريا ، ولسنا ندري أي نموذج هو المطلوب لهذه الدولة الاسلامية ، هل هو النموذج الايراني أو السعودي أو الايراني أو التركي ... ان العالم العربي اليوم ، يمر بحالة اشبه ما تكون بحالة ذلك الشخص الأجرب ، الذي يتلذذ بحك جلده ، بالرغم من الدم الذي ينزف منه ، وهو ما يكاد ان يتوقف ، حتى يعاود الحكة من جديد ، وفي نفس الموضع ، وهو اليوم أي العالم العربي ، في حالة يرثى لها ، على جميع الأصعدة ، وحالته هذه لا يتماثل للشفاء منها الا بعد عقود طويلة ، لأن الغرب بشكل أو بآخر ، ساهم في الوضع الذي وصل اليه العالم العربي ، وسمى ما حدث في تونس ومصر وليبيا ربيعا عربيا ، فأي ربيع هذا الذي يخلف وراءه قتلى بالآف ، ويخلف دمارا في البنية التحتية ، ويقسم المجتمع الى مذاهب سياسية تتناحر ، أي ربيع هذا الذي يتحول فيه الاخوة الى أعداء يتقاتلون ؟. هكذا يمكن القول أن العالم العربي لا يمكنه ان يتخطى محنته في المستقبل المنظور ، لأن الصراع السياسي بين انصار العودة الى الماضي ، وبين انصار الماضي والحاضر والمستقبل سيطول ، وهو صراع تخلصت منه اوروبا ، وصار في خبر كان ، والصراع الدائر اليوم في الغرب ، هو صراع حول العلم والبحث العلمي ، وما يتحقق عنه من نتائج تعد سبقا في الكشف ، عن المجاهيل في شتى العلوم . نحن نتشبث بالماضي ، وهم يتشبثون بالحاضر والمستقبل ، هم يركبون قطار المستقبل ، ونحن نحتمي بالرصيف ، وحالنا يقول : ايها المستقبل لا تنتظرنا ، ارحل نحن لا نفكر فيك ...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أيـهـا الـمـسـتـقـبـل انـتـظـرتـنـا مـا يـكـفـي أيـهـا الـمـسـتـقـبـل انـتـظـرتـنـا مـا يـكـفـي



GMT 13:35 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

تحديات تحولات الكتابة للطفل في العصر الرقمي

GMT 12:06 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

تحديات تحولات الكتابة للطفل في العصر الرقمي

GMT 10:49 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

ضفضة_مؤقتة

GMT 11:06 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

لكى تعرفَ الزهورَ كُن زهرةً

GMT 20:08 2023 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

فلسطين بين رمضان والفصح المجيد

GMT 10:17 2023 الأحد ,22 كانون الثاني / يناير

مجانية الالقاب على جسر المجاملة أهدر قدسية الكلمة

GMT 11:02 2022 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها.

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib