الرئيسية » عالم البيئة والحيوان
غابات الأمازون

برازيليا ـ رامي الخطيب

لفهم سبب خسارة الحكومة البرازيلية عمدًا معركة إزالة الغابات، فأنت بحاجة فقط إلى تعقب إشارات المستكشف الإدواردي بيرسي فوسيت على طول الحدود الأمازونية مع بوليفيا.

وتقول صحيفة "الغارديان" البريطانية إنه خلال محاولة فاشلة لعبور هضبة عالية مذهلة هنا في عام 1906، توفي المغامر تقريبًا في أول رحلته إلى أميركا الجنوبية، في ذلك الوقت، كانت المنطقة غير مؤهلة بالسكان، وأوراق الشجر كثيفة جدًا حتى اقترب فوسيت ورفقائه  من المجاعة، أما اليوم، فالطرق الترابية البرتقالية، الناتجة عن طريق تقطيع الغابات غير القانوني، تقودك إلى الجناح الشمالي الغربي من قمة التل العالية، وتسمى الآن حديقة ولاية سيرا ريكاردو فرانكو، وهي منطقة محمية يدعمها البنك الدولي، وبدلًا من الغابات، نجد مساحات من الأراضي غزاها المزارعون، وجُردت من الأشجار، وسُلمت إلى المراعي لتضم 240 ألف بقرة، كما يوجد هناك المطارات الخاصة داخل حدود الحديقة، والتي توجد على الخرائط فقط.

وبعيدا عن كونها منطقة معزولة حيث يجوع فيها المتجولون، أصبحت الآن أحد المراكز الكبرى لإنتاج الأغذية في العالم، حيث يوضح السكان المحليون أن عضوًا في حكومة الرئيس ميشيل تيمر - رئيس الأركان ايليسيو باديلها - يمتلك مزارع هنا على سفوح تلال تجرد من الغابات في حديقة مفترض أنها محمية، بينما أخبر أمناء المظالم البلديون صحيفة "الأوبزرفر" أن الماشية التي تنمو هنا  ُتباع بعد ذلك، في مخالفة للتعهدات المقدمة إلى المدعين العامين والمستهلكين الدوليين ، إلى شركة JBS، أكبر شركة لتعبئة اللحوم في العالم، والتي تخضع لاهتمامات بشأن قضية رشوة كبرى، وهذه المزاعم ينكرها المزارعون ولكن لا شك أن الحكومة تخفف من الضوابط لأنها تفتح المزيد من الأراضي للمزارعين وتوفر لهم السدود والطرق وحقول الصويا المتطلبة في الصين.

 وفي العام الماضي، أبلغت البرازيل عن زيادة مزعجة بنسبة 29٪ في إزالة الغابات، مما أثار شكوكًا في أن البلاد سوف تكون قادرة على الوفاء بالتزاماتها العالمية للحد من انبعاثات الكربون، بينما يمكن رؤية التآكل المتزامن للسلطة القانونية والمسكن الطبيعي في العديد من الولايات البرازيلية، ومنها أحدث الحدود المنزرعة بفول الصويا في مارانهاو، توكانتينس وباهيا؛  وأراضي توليد الطاقة الكهرومائية في بارا ومناطق التعدين والغابات البرية الغربية في روندونيا وأكري.

وتقع حديقة ولاية سيرا ريكاردو فرانكو الواقعة على مساحة 158،000 هكتار عند تقاطع ثلاثة مناطق حيوية كبيرة؛ غابات الأمازون المطيرة، وحشائش سافانا منطقة كيراداو الاستوائية والأراضي الرطبة في بانتانال، أما جارتها الغربية، التي تفصلها منطقة ريو فيردي الضيقة، فهي عبارة عن حديقة نويل كيمبف ميركادو الوطنية الكثيفة في بوليفيا، والتي تغطي مساحة أكبر بخمسة أضعاف، وهما تشكلان معًا واحدًا من أكبر احتياطيات البيئة الإيكولوجية في العالم، ومن الشرق، تقع السهول الخضراء الفاتحة في ماتو غروسو - وهي ولاية أكبر من المساحة المجمعة للمملكة المتحدة وفرنسا - والتي سميت باسم الغابات الشجرية التي كانت سائدة في الغالب والتي تم تطهيرها في الغالب لصالح إقامة حقول الصويا ومزارع الماشية.

وقد تم الاتفاق على خطة لإقامة حديقة في هذا المشهد المهم من الناحية الجيولوجية والبيولوجية وسط التفاؤل الطائش لقمة الأرض عام 1992 في ريو دي جانيرو، التي أشاد بأنها انفراجة للتعاون الدولي في مجال البيئة، وكانت ريكاردو فرانكو واحدا من تسعة مناطق محمية وعدت بها حكومة ماتو غروسو مقابل قرض بقيمة 205 مليون دولار من البنك الدولي للإنشاء والتعمير، وكان المصدر الرئيسي للأموال هو البنك الدولي الذي أشار في ذلك الوقت إلى أن الأموال ستستخدم في المركبات وتدريب الموظفين والرواتب وبناء المكاتب والبحوث،  وكان من المفترض أن تغطي حديقة ريكاردو فرانكو مساحة 4000 ألف هكتار، ولكن كان الواقع مختلفًا جدًا، بعد سنوات عدة من الدراسات، فكانت الحديقة التي أنشئت في نهاية المطاف في عام 1997 أقل من نصف الحجم المتوقع، وقد تم بالفعل إزالة ما لا يقل عن   200 ألف هكتار من قبل المزارعين الذين كان من المفترض تعويضهم، هذا لم يحدث، كما لم تجد صحيفة الأوبزرفر أدلة على إقامة أسوار، أو إنشاء مراكز إدارية إما في الحديقة أو أقرب  مدينة فيلا بيلا دا سانتيسيما ترينداد.

العلامات الوحيدة وعلامات الحدود هي للمزارع، على الرغم من أن الحديقة من المفترض أن تكون مملوكة للقطاع العام وتستخدم فقط للسياحة البيئية أو البحث العلمي، يمكن الوصول إلى العديد من المناطق فقط بعد دفع رسوم الدخول أو طلب مفتاح من صاحب المزرعة الذي يشغل تلك الأرض، وقد تم تطهير ربع الأرض على مدى العقود الأربعة الماضية، ولكن لا تزال هناك مناطق ذات جمال طبيعي والتنوع البيولوجي التي تغيرت قليلا منذ عصر فوسيت.

وعلى مدى نصف يوم، رصدت صحيفة الأوبزيرفر وجود ، القرود وثعالب الماء، والأسماك والفراشات، والعناكب فضلًا عن وجود الفهود والبوماس والمناكوندا والدلافين الوردية والتماسيح الطويلة التي يبلغ طولها ستة أمتار، وعلق عالم أحياء محلي طلب عدم الإفصاح عن اسمه: "ما يحدث في المنتزه محزن للغاية، هذه المنطقة مهمة جدا، هناك أنواع هنا لم يتم العثور عليها في أي مكان آخر، لكنها تضمحل عاما بعد عام ".

وقال دونيزيت دوس ريس ليما، الذي يملك مزرعة بجوار الحدود: "أنشأت حكومة الولاية حديقة افتراضية للحصول على المال، لا أحد هنا ضد الحديقة، أريد مستقبل لأطفالي، ولكن دعونا نمتلك حديقة لائقة، وإذا ذهبنا فسوف يدفع لنا التعويض"، كما تضيف تشير ريجيان سواريس دي أغيار، المدعي العام التي رفعت دعاوى قضائية متعددة ضد المزارعين: "لقد تم تطهير جميع الأراضي بشكل غير قانوني، حتى أصحاب الأراضي الذين كانوا هناك قبل إنشاء الحديقة لم يكن لديهم إذن بإزالة الغابات من الأرض"، وأضافت"تظهر بيانات الأقمار الصناعية أن المشكلة قد تفاقمت منذ ذلك الحين، حيث انتقل المزيد من المزارعين إلى الحديقة، مما جلب المزيد من الماشية هناك"، وقد أدى هذا النشاط غير المشروع إلى إلحاق ضرر بالغ بمصادر الغابات والمياه، وطبقا لما ذكره المدعي العام، فإن شركة JBS  يجب أن تتقاسم اللوم لأن شركة اللحوم هذه اشترت الماشية من داخل الحديقة على الرغم من تعهدها - إلى المدعين العامين والمشترين الأجانب والمنظمات غير الحكومية البيئية – بعدم الحصول على مصدر الماشية من الأراضي التي تم تطهيرها بشكل غير قانوني.

وفي بيان إلى اوبسرفر ذكرت JBS  أنها منعت المبيعات من المزارع داخل الحديقة بعد أن طلب من مكتب الادعاء، ولفتت الشركة إلى أنها تستخدم البيانات من الأقمار الصناعية، وكالة البيئة، وزارة العمل وغيرها من المصادر لمراقبة 70 ألف من موردين الماشية، وأضافت أن النتائج قد تم تدقيقها بشكل مستقل، ومنذ ذلك الحين، تم تحقيق ثروات هائلة من خلال إزالة الغابات، في البداية لمزارع البن والمطاط ومؤخرا للماشية وفول الصويا. 

وفي وقت سابق من هذا الشهر اتهم النائب العام بشكل رسمي الرئيس ومساعديه بقبول الرشاوى والتواطؤ مع كبار المسؤولين التنفيذيين لشركة JBS بغية شراء صمت الشهود في فضيحة فساد، بينما يقول معهد "شيكو مندز" لحفظ التنوع البيولوجي، أن حيوان "المدرع الجنوبي"يواجه صعوبة بشكل خاص لاستعادة عدده بسبب انخفاض معدل الأيض الحيوانية، والرعاية الأبوية لفترات طويلة وفترات الحمل الطويلة.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

وزارة الفلاحة تجري قرار جديد يستهدف حماية القطيع الوطني
أحمد البواري يستمر بيقدم الدعم للفلاحين بخلفية أزمة الجفاف
الشمس تتعامد على معبد أبوسمبل ظاهرة تتكرر مرتين سنويًا
الإعصار "ميلتون" يبدأ باجتياح سواحل فلوريدا
صديقي يترأس حفل الانطلاقة الرسمية للسنة الدراسية 2024-2025 للتكوين…

اخر الاخبار

وزير العدل المغربي يُطالب بفرض رقابة قانونية على وسائل…
سانت لوسيا تُجدد دعمها للمخطط المغربي للحكم الذاتي
مجلس الحكومة المغربية يُصادق على مشروع مرسوم نظام التأمين…
رئيس مجلس النواب المغربي يُجري لقاءات ثنائية مع ممثلي…

فن وموسيقى

سعد لمجرد يُصدر أغنيته الهندية – المغربية الجديدة «هوما…
المغربية فاطمة الزهراء العروسي تكشف عن استعدادها لخوض تجربة…
منة شلبي تتألق في موسم الرياض بمسرحية شمس وقمر…
تتويج المغربي محمد خيي بجائزة أحسن ممثل في مهرجان…

أخبار النجوم

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي…
ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
سلاف فواخرجي تتألق في فيلم ”سلمى” وتسلط الضوء على…
أول تعليق من حسين فهمي بعد حصوله على جائزة…

رياضة

محمد صلاح آقرب إلى الرحيل عن ليفربول لعدم تقديم…
مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة…
محمد صلاح في المركز الثاني كأفضل هدافي الدوري الإنكليزي…
بيب غوارديولا يكشف سبب تمديد تعاقده مع مانشستر سيتي

صحة وتغذية

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل…
التغذية السليمة سر الحفاظ على صحة العين والوقاية من…
أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على…

الأخبار الأكثر قراءة

الإعصار "ميلتون" يبدأ باجتياح سواحل فلوريدا
صديقي يترأس حفل الانطلاقة الرسمية للسنة الدراسية 2024-2025 للتكوين…
وزارة التجهيز والماء في المغرب تُعيد فتح 35 من…