الرئيسية » تحقيقات

دمشق - جورج الشامي

عام كامل قضاه سكان دمشق على إيقاعات الرصاص والقصف والطيران، قبل أن تصل هذه الإيقاعات إلى قلب العاصمة السورية، فبعد أشهر من قيام قوات الأسد بقصف الريف الدمشقي، وارتفاع وتيرة الاشتباكات في هذا الريف، تحولت بعض أحياء دمشق في الشهرين الأخيرين إلى ساحة للاشتباكات وخاصة أحياء القابون وبرزة والميدان وتشرين، فيما ترافق ذلك مع قصف بقذائف الهاون طالت مركز المدينة، بداية من البرامكة، وصولاً لباب توما، وانتهاءً بالمهاجرين وأبو رمانة والمالكي. حالات النزوح الكثيرة من الريف الدمشقي وبعض الأحياء الدمشقية الجنوبية التي تشهد توترات، أربكت قلب العاصمة، والريف الشمالي، اللذين تحولا إلى مقصد للنازحين، فسكان دوما وحرستا وداريا والمعضمية والمخيم وبرزة والقابون وغيرها من الأحياء التي تشهد توترات اتجهوا إلى قلب العاصمة أو ريفها الشمالي، ومعظم هؤلاء لا يملكون المال الكافي لاستئجار العقارات من أجل السكن، ما حَوَّل الأماكن العامة من مدارس وحدائق إلى مكان للإقامة. ورغم البرد والأحوال الجوية الصعبة، فإن المكان الوحيد الذي استطاع السوريون النزوح إليه هو الحدائق، حيث اكتظت معظمها، بالأطفال والنساء، فيما انتشرت حالات التسول نتيجة الفقر والعوز. ويقول رب أحد الأسر إلى "مصر اليوم" ، لم أستطع أن أُأَمِّن لأسرتي مكاناً للإقامة، فاتجهنا إلى حديقة في دمشق، وقمنا بنصب خيمة من الأغطية والأَلْحِفَة التي أخرجناها من منزلنا في دوما، في محاولة لإيجاد مكان للإقامة، ولكن البرد القارص الذي واجهناه في الأشهر الماضية، كان له أثر كبير على أطفالي الذين يعانون من أمراض كثيرة، ولكن ضعف الحال، وعدم توافر المال يمنعني من أخذهم إلى الطبيب. ولم تفلح محاولة البعض في إيجاد عمل لسد الرمق ، خاصة أن الاقتصاد السوري يعاني من تضخم غير مسبوق، ومن انهيار الليرة السورية، وإغلاق عدد كبير من المنشآت الاقتصادية أبوابها إما نتيجة التوترات في الأماكن الساخنة، أو نتيجة الإفلاس في الأماكن التي مازالت آمنة "وهي قليلة"، وزاد الفقر في الطبقة الوسطى والمعدومة، لتتحول شوارع دمشق إلى سوق للبسطات ضخم جداً، فلا يخلو رصيف أو زاوية من أحد بسطات الطعام أو الألبسة أو غيرها من الاحتياجات. ويقول أحد أصحاب البسطات إلى "مصر اليوم"، كان لدي محل لبيع الأدوات المنزلية في داريا، ولكن القصف هدّم كل شيء هناك، فحملت عائلتي إلى منزل أخي في دمشق، ولإعالتهم بدأت ببسطة في سوق الحميدية لبيع الألبسة. أما المهندس م.ح فأكّد إلى "مصر اليوم" أن نقابة المهندسين لم تدفع له راتبه منذ أكثر من عشرة أشهر، ومع غياب العمل على الصعيد العمراني في سورية، اتجه لفتح بسطة، وأضاف "كل المدخرات التي أملكها صرفت في الأشهر العشرة الأخيرة، وهذا ما دفعني للبحث عن عمل، وعندما لم أجد أي عمل ضمن مجال عملي، اضطررت لشراء بعض الأطعمة وبيعها على أحد البسطات في مدينة قدسيا في ريف دمشق، وأعمل بشكل يومي ما أبيع في اليوم أستخدم جزءمنهم لإطعام عائلتي والجزء الآخر أشتري فيه بضائع لليوم التالي. وأكدت عائلات تعيش في العراء داخل العاصمة دمشق، إلى"مصر اليوم" أن بعض المساعدات تصلها من جهات إغاثية، أو من أشخاص محسنين، ولكن هذه المساعدات لا تكفي لسد الرمق واستمرار الحياة.    فغياب فرص العمل، وانتشار البسطات، وصعوبة السكن، لم تكن وحدها مشاكل سكان دمشق، فغلاء الأسعار كان عاملاً مهماً، فالحاجات الرئيسية ارتفع أسعارها بشكل كبير، فإن كان النازحين من الريف لا يستطيعون سد رمقهم، فإن الأمر مشابه بالنسبة للسكان الأصليين، فالخبز والغاز والمازوت والبنزين واللحم والدجاج والطيحن والرز زادت أسعارها بشكل جنوني، قبل الأزمة مثلاً كان سعر كيلو اللحم "العجل" 500 ليرة سورية، والآن أصبح بـ1000 ليرة سورية، فيما مثلاً سعر ربطة الخبز الذي كان 15 ليرة سورية، أصبح الآن يزيد عن 100، وهكذا على بقية السلع، كما فقدت بعض السلع من السوق، فمنتجات بعض المصانع التي أغلقت أبوابها غابت مثل منتجات مصانع ماغي ونستلة والدرة وغيرها من المصانع الكبيرة التي كانت تزود دمشق خاصة وسورية عامة بمختلف المنتجات الأساسية من معلبات، ومع الحظر الذي يفرضه العالم على سورية، توقفت حركة الاستيراد مما زاد من معاناة السوريين. في سياق متصل، ومع ازدياد التوتر الأمني في العاصمة ومحيطها، وسقوط القذائف على قلب العاصمة، أصبحت شوارع دمشق شبه خالية، رغم أن بعض التقديرات تؤكد وجود أكثر من 7 ملايين شخص داخل العاصمة دمشق، ورغم كثرة الحواجز في العاصمة والتي تزيد عن 250 حاجزاً، لم تمنع العبوات الناسفة من الوصول إلى أماكن تجمع المدنيين، مما دفع معظم السوريين إلى عدم الخروج من منازلهم إلا لتأمين حاجاتهم اليومية، ومن ثم العودة إلى المنزل. وتقول السيدة مها إلى "مصر اليوم"، لم نعد نخرج من المنزل إلا للضرورات، رغم أن المنزل غير آمن أيضاً فمن الممكن أن تأتينا قذيفة في أي لحظة، ولكنه أضعف الإيمان كما يقولون، والحالة الوحيدة التي نخرج فيها من منزلنا لشراء الحاجيات الرئيسية، وبالنسبة لزوجي أصبح يخرج إلى محله في الثامنة صباحاً ويغلق مع غروب الشمس، أما أطفالي فقررت أن أتوقف عن إرسالهم إلى المدرسة خوفاً على حياتهم، واستعضت عن ذلك بالدراسة المنزلية. كما أصبحت المطاعم والمقاهي شبه خاوية، وتغلق أبوابها مع غروب الشمس، حيث تتحول العاصمة إلى مدينة أشباح، فلا أحد يخرج من منزله بعد الساعة السابعة مساءً، وكأن المدينة مفروض عليها حظر تجول، وفي هذا الموضوع يقول محمد إلى"مصر اليوم"، اعتدت الذهاب إلى المقهى بشكل يومي كل مساء، ولكن أخيراً أصبحت أذهب مرة واحدة في الأسبوع وفي وقت الظهيرة، فالمدينة مع حلول الظلام، تكون مرعبة، والشوارع خاوية، وسط أصوات الرصاص والقصف والطيران. ويقول سليم صاحب مطعم إلى "مصر اليوم"، في السابق كانت الوجبة الأساسية التي يأتي فيها الزبائن هي العشاء، أما الآن فمعظم أوقات اليوم يكون المطعم فارغاً، في حين أن أكثر الأوقات التي يأتي فيها الزبائن أصبحت في الظهيرة، أما في المساء فلا أحد، مما دفعني لإغلاق المطعم في الساعة الثامنة بدلاً من الثانية صباحاً كما العادة، ويضيف "حتى قائمة الطعام لدينا لم تعد كما كانت، فمع الغلاء الحاصل، وغياب بعض السلع أصبحت قائمة المطعم مختصرة جداً مقارنة مع ما كانت سابقاً".

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

مكتب نتنياهو يواجه 5 قضايا بعضها قيد التحقيق
نتنياهو قلق من انتقام محتمل لبايدن بعد فوز ترامب…
اليونيسيف تُحذر من آثار خطيرة للحرب الإسرائيلية المستمرة في…
واشنطن تتجاهل مئات التقارير عن استعمال الأسلحة الأميركية في…
700 عائلة إسرائيلية تسجل للاستيطان في غزة وحماس تنتقد…

اخر الاخبار

الملك محمد السادس يُهنئ رئيس رومانيا بمناسبة احتفال بلاده…
مجلس التعاون الخليجي يًُؤكد على مواقفه الثابتة الداعمة لمغربية…
رياض المالكي يُشيد بالدعم الذي يُقدمه الملك محمد السادس…
الأونروا تؤكد محاولة إدخال مساعدات إلى غزة لكنها سرقت…

فن وموسيقى

الكويت تسحب الجنسية من الفنان داوود حسين والمطربة نوال
حسين فهمي يكشف تفاصيل تحضيره لمهرجان القاهرة السينمائي في…
سعد لمجرد يُصدر أغنيته الهندية – المغربية الجديدة «هوما…
المغربية فاطمة الزهراء العروسي تكشف عن استعدادها لخوض تجربة…

أخبار النجوم

إلهام شاهين تكشف عن سعادتها بحصولها على تكريم خاص…
كريم عبد العزيز يتمنى أحدث أفلامه السينمائية "الأرض السوداء"…
شيرين عبد الوهاب تُعبر عن سعادتها بسبب الحفاوة الكبيرة…
المغربية ابتسام تسكت تكشف عن جديدها الفني المُرتقب عرضه

رياضة

محمد صلاح يؤكد أن مباراته أمام مان سيتي ستكون…
"الفيفا" يُعلن حصول ملف استضافة السعودية لكأس العالم 2034…
3 لاعبين مغاربة في قائمة المرشحين لجوائز الأفضل لعام…
"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

صحة وتغذية

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل…
التغذية السليمة سر الحفاظ على صحة العين والوقاية من…

الأخبار الأكثر قراءة

مقتل يحيى السنوار ضربة كبيرة لـ"حماس" لكن ليست قاضية
قيادات في حركة حماس وحزب الله إغتالتها إسرائيل منذ…
الأمم المتحدة تحذر من أن الحرب في السودان تسبب…
نشر منظومة "ثاد" في إسرائيل يُعمّق الانخراط الأميركي بأزمة…
إيران تنفي طلب حماس 500 مليون دولار لتنفيذ هجمات…