الرئيسية » حوارات وتقارير
الدكتور إبراهيم منصوري

الرباط -المغرب اليوم

نشر الدكتور إبراهيم منصوري، أستاذ العلوم الاقتصادية بكلية الحقوق التابعة ل جامعة القاضي عياض بمراكش، مقالة باللغة الفرنسية تحت عنوان “تأملات حول النموذج التنموي الجديد بالمغرب” على موقع “Research Gate International“، تطرق فيها للتقرير الخاص بالنموذج التنموي الجديد المقترح.وركز الأستاذ الجامعي في مستهل ورقته على اختلاف مفهومي النمو الاقتصادي (Croissance économique) والتنمية (Développement)، ما دام النمو الاقتصادي ظاهرة كمية بينما تعتبر التنمية ظاهرة نوعية بالأساس، قبل أن يوضح أن “التنمية تستدعي نموا اقتصاديا مستداما على المدييْن المتوسط والطويل، خاصة إذا كان هذا النمو مصحوباً بتحولات بنيوية ومؤسساتية”. وأثار الاقتصادي المغربي الانتباه إلى أهمية الأخذ بعين الاعتبار دور المتغيرات الكيفية (Variables qualitatives) في تفسير النمو الاقتصادي، مستحضرا الدور الذي تلعبه المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في هذا المِضمار.

وقال الأستاذ الجامعي إن المؤسسات غير الرسمية هي التي تحدد المؤسسات الرسمية، مع العلم أن الأولى يمكن اعتبارها كمنظومة معقدة من العادات والتقاليد والسلوكيات والعقليات التي قد تقاوم التحول من النمو إلى التنمية، فمن شأنها أن تعطل بزوغ مسلسل حقيقي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.وانتقد الدكتور منصوري النمو الاقتصادي المبني على المؤسسات السيئة التي تعطل النمو الاقتصادي نفسه قبل أن تقتل المبادرات الرامية إلى تنمية حقيقية، مشيراً إلى أن سوء المؤسسات الرسمية وغير الرسمية من شأنه أن يخلق ما أسماه اقتصاد التوحُّش (Economie de la prédation)، مع كل تداعياته بالنسبة للهشاشة والفقر والإقصاء الاجتماعي وتوسيع الفوارق الاجتماعية وخسارة التماسك المجتمعي، ما يعصف أولا وقبل كل شيء بجهود النمو الاقتصادي قبل تعطيل مسلسل التنمية نفسه.

ويرى الباحث أن النمو الاقتصادي المستند إلى مؤسسات رسمية وغير رسمية سيئة تنجم عنه فوارق اقتصادية واجتماعية غير طبيعية، ما يضعف معدلات النمو الاقتصادي، ومن ثمة فهو يعرقل التنمية الاقتصادية والاجتماعية المرجوة.ففي المجتمعات الراقية التي تتعايش فيها دولة الحق والقانون والديمقراطية والحكامة الجيدة وحقوق الإنسان بكل ألوانها، يقول منصوري، يمكن اعتبار الفوارق الاقتصادية والاجتماعية كنتاج لفوارق طبيعية بين أفراد المجتمع من حيث القدرات الفكرية والابتكارية والجهود التي يبذلها كل فرد من أجل حركية اجتماعية (Mobilité sociale) أفضل.

ولذلك يؤكد الكاتب أن الفوارق الاجتماعية في المجتمعات الراقية لن تكون في الحقيقة إلا قاطرة للنمو الاقتصادي والتنمية، ما دامت المساواة في الحظوظ والميريتوقراطية (Méritocratie) يضمنان لكل مواطن الالتحاق بالمنصب الذي يستحقه؛ أما في البلدان ذات المؤسسات الرسمية وغير الرسمية السيئة فإن الفوارق الاقتصادية والاجتماعية تعرقل النمو الاقتصادي وتعيق التنمية لأنها بكل بساطة فوارق غير طبيعية ومفبركة.

فهم النموذج التنموي
وعلاقة بالنموذج التنموي الجديد، دعا منصوري إلى التفكير العميق فيه مع تقاسم أفكار كل القوى الحية في البلاد، في إطار مقاربة تشاركية حقيقية، معتبراً أن “الهدف لا يتمثل في تجاوز التشخيصات والإستراتيجيات وورقة الطريق المنبثقة عن تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد، بل في تمحيص التقرير وتبادل الأفكار حوله، توخيا لإغنائه والمساعدة على إنجاح تنفيذه”.ويرى منصوري في هذا الصدد أن بلدان الجنوب بصفة عامة والمغرب على الخصوص لا تنقصها “النصوص الجميلة” (Les beaux textes)، إلا أن “التأويل الجميل” للواقع المعاش لا يكفي إذا أردنا تحسين أوضاعنا على مختلف المستويات، بل نصبو إلى تغيير واقعنا بالملموس.

وبالرجوع إلى هذه الفكرة، يرى الباحث أن كل محاولة لتغيير الواقع تقابلها جيوب مقاومة (Poches de résistance)، ما دامت بعض الأطراف المعنية (Parties prenantes) بالتغيير تعتقد أنها الخاسرة بينما ترى أخرى أنها الرابحة، بحيث يؤدي كل ذلك إلى نشوب “حرب احتكاك” (Guerre de friction) قد يلعلع وطيسها أكثر فأكثر كلما فشل صُنّاع القرار في صياغة وتنفيذ الإستراتيجيات المناسبة للتنسيق بين مختلف الفاعلين المعنيين بمسلسل التنمية.

ويقول منصوري مقالته: “إن المغرب محتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى التنسيق الناجع بين الأطراف المعنية بالتنمية، وإلا بقي تقرير اللجنة حبرا على ورق، بل قد يفضي سوء التنسيق إلى توليد نموذج تنموي جديد أكثر سوءا من ذلك الذي كان سائداً من قبل”.

ويقترح الأستاذ الجامعي في إطار النموذج التنموي الجديد تدبيراً عموميا مرتبطا بنموذج دورة السياسات العامّة (Modèle du cycle des politiques publiques : Policy Cycle Model)، والذي عرفه باعتباره خطاطة جامعة مانعة على شكل دائرة حلزونية مفتوحة تبدأ بتعريف الإشكاليات (Problem Definition) وتنتهي مرحليا بالتقييم (Evaluation)، مروراً بصياغة السياسات وتنفيذها وتتبعها.

قد يهمك ايضاً :

"الشامي" الإقلاع الاقتصادي يحتاج ثورة مقاولاتية حقيقية في المغرب

اجتماع يقارب ملاءمة التعليم المغربي مع النموذج التنموي

   

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

خبير يُقدر الخسائر المادية والبشرية لزلزال المغرب بالمليارات
والي بنك المغرب يكشف كيف واجه الملك الراحل الحسن…
تركيا تؤكد أنه لا بديل من اتفاق تصدير الحبوب…
اليماني يكشف عن وجود تواطؤ بين شركات المحروقات في…
رباح يُصرح "لا يمكن لدولة تنافقنا ولا تعترف بالصحراء…

اخر الاخبار

ملك المغرب يتجول في العاصمة الفرنسية رفقة ولي العهد…
الملك محمد السادس يُوجه الشكر إلى رئيس جمهورية بنما…
السكوري يُجري مشاورات مع جميع الفرق البرلمانية بشأن مشروع…
انتخاب المغربي عمر هلال رئيساً لمؤتمر إنشاء منطقة خالية…

فن وموسيقى

منة شلبي تتألق في موسم الرياض بمسرحية شمس وقمر…
تتويج المغربي محمد خيي بجائزة أحسن ممثل في مهرجان…
رافائيل نادال يختتم مشواره ويلعب مباراته الأخيرة في كأس…
الذكرى التسعين لميلاد فيروز الصوت الذي تخطى حدود الزمان…

أخبار النجوم

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
سلاف فواخرجي تتألق في فيلم ”سلمى” وتسلط الضوء على…
أول تعليق من حسين فهمي بعد حصوله على جائزة…
مها أحمد تسخر من قلة العمل وكثرة النجوم على…

رياضة

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة…
محمد صلاح في المركز الثاني كأفضل هدافي الدوري الإنكليزي…
بيب غوارديولا يكشف سبب تمديد تعاقده مع مانشستر سيتي
كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

صحة وتغذية

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على…
فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات…

الأخبار الأكثر قراءة

كريستين لاغارد ترى أن المصارف المركزية قد تواجه تقلبات…