الرئيسية » عالم الإعلام
السيد يونس مجاهد رئيس المجلس الوطني للصحافة في المغرب

الرباط - المغرب اليوم

في أفق تجديد هياكل المجلس الوطني للصحافة في المغرب - المقرر نهاية السنة الحالية - تكون هذه التجربة الأولى في مجال التنظيم الذاتي محكا حقيقيا للوقوف على ما راكمته من إيجابيات وما أفرزته من سلبيات، وهذا مع الأخذ في الاعتبار التحولات الإعلامية على المستوى الوطني والدولي، والمتغيرات التي تعرفها الممارسة الصحافية وسط تحديات ورهانات الثورة التكنولوجية وتأثيراتها على مستقبل أداء مهنة الصحافة والإعلام وصناعتها.

يعتبر المجلس الوطني للصحافة في المغرب مؤسسة وطنية مستقلة، أنيط بها مهام التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومنح بطاقة الصحافة المهنية، ووضع ميثاق أخلاقيات المهنة، والقيام بدور التحكيم والوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار. ويضاف إلى ذلك إبداء الرأي بشأن مشاريع القوانين والمراسيم المتعلقة بالمهنة أو بممارستها، واقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وإعداد الدراسات المرتبطة بهما وبمخططات تأهيل القطاع.

يونس مجاهد، رئيس المجلس الوطني للصحافة، لفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المجلس بهذه الصلاحيات الواسعة هو «الهيئة الوحيدة على المستوى العالمي التي تتوافر على مثل هذه الصلاحيات مجتمعة»، بخلاف التجارب المماثلة التي تكون فيها هذه الصلاحيات موزعة على هيئات متعددة وحقاً، يتألف المجلس الوطني للصحافة من 21 عضوا منهم سبعة أعضاء، ينتخبهم الصحافيون المهنيون، والعدد نفسه ينتخبهم ناشرو الصحف، بينما يمثل سبعة أعضاء هيئات قضائية وحقوقية وثقافية وناشر سابق تعينه هيئة الناشرين الأكثر تمثيلاً، وصحفي شرفي تعينه نقابة الصحافيين الأكثر تمثيلية.

ووصف مجاهد، وهو أيضا رئيس سابق للاتحاد الدولي للصحافيين، حصيلة المجلس الوطني للصحافة بأنها «إيجابية جدا» على الرغم من الصعوبات التي واجهته وبينها تداعيات جائحة كوفيد-19، والزمن الذي استغرقه وضع أسس التنظيم والهيكلة وإعداد القانون الداخلي ومساطر العمل واللوجستيك وتكوين وتأهيل الأطر الإدارية.

وجهة نظر مجاهد يتقاسمها معه نور الدين مفتاح، رئيس الفيدرالية المغربية للصحف، ورئيس لجنة المنشآت الصحافية وتأهيل القطاع بالمجلس، إذ قال لـ«الشرق الأوسط» إن حصيلة المجلس «على العموم كانت إيجابية، خاصة على مستوى ضمان الخدمات الرئيسة التي ينص عليها قانونه الأساسي». وأشار إلى أن المرحلة كانت محكومة ومطوقة بالانكباب على وضع اللبنات الأولى لهذا النموذج الجديد، وبعدها الشروع في ممارسة الصلاحيات التي خولها له القانون.

أما عبد الكبير خشيشن، رئيس المجلس الفيدرالي للنقابة الوطنية للصحافة، فشدد خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» على ضرورة استحضار «ظروف وسياقات تأسيس هذه التجربة في مجال التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة، والتي كانت ثمرة نضال نقابي امتد لعقود». وأردف «نحن ننظر بعين الرضا لانتزاع هذا المكسب أولاً... وثانياً يمكن اعتبار تدبير المجلس لعدد من القضايا التي يعود الاختصاص له فيها، بأنه لا بأس به»، كوضع ميثاق أخلاقيات المهنة، والبت في عدد من القضايا الخلافية، والتصدي لبعض الخروقات التي طالت المهنة.

بيد أنه وإن كانت غالبية مكونات المجلس، تجمع على «إيجابية حصيلة المجلس»، يلاحَظ وجود اختلاف في توقيت إصلاح وتعديل قوانين المجلس، إذ إن هناك من يطالب بإجراء انتخابات المجلس في موعدها، بينما يرى آخرون تأجيلها وإعطاء الأولوية لإصلاح وتعديل قوانين وتنظيمات المجلس... من أجل سد الثغرات التي جرى الوقوف عليها خلال المرحلة التأسيسية. إلى جانب ذلك، تتباين مواقف الهيئات والتنظيمات الصحافية. فالفيدرالية المغربية لناشري الصحف تدعو إلى الإسراع بتشكيل لجنة الإشراف على انتخابات المجلس الوطني للصحافة، الذي ستنتهي ولايته القانونية في آخر سبتمبر (أيلول) المقبل، وفي المقابل تطالب الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين، بـ«تعديل الإطار القانوني للمجلس، عبر إدخال مجموعة من التعديلات الهيكلية عليه، والتركيز على الآليات القانونية الملائمة للنهوض بالحقل الإعلامي لحماية المكتسبات وتطوير أوراش قانونية للرقي بالقطاع في تناغم مع الوزارة الوصية والقطاعات المشاركة».

من ناحية أخرى، رغم كل الإيجابيات التي راكمها المجلس، يستدرك خشيشن قائلاً «لنكون منصفين وواضحين... لا يجوز أن تنسينا هذه الإيجابيات تقويم كل العيوب التي ظهرت في القوانين الثلاثة (قانون الصحافة والنشر، والقانون الصحفي المهني، وقانون المجلس الوطني للصحافة)، وقبل كل شيء توفير بيئة مهنية تحفظ للصحافيات والصحافيين كرامتهم، مع إعمال القانون لضبط المهنة، من دون إغفال إشكالية التكوين والتكوين المستمر التي تعد رهانا مركزيا للرفع من الأداء المهني لتحصين المهنة في زمن وصلت فيه التفاهة حدا لا يطاق». ومن ثم دعا إلى «معالجة حالات القصور التي ظهرت خلال الممارسة، ليس فقط، في القانون المنظم للمجلس، بل أيضاً في حزمة القوانين المنظمة للمهنة، بهدف إصلاح هذه الأعطاب بسرعة كي تكون الولاية المقبلة متحررة من السلبيات».

وفي معرض رده على سؤال حول المعوقات التي صادفت المجلس خلال ولايته الأولى، قال يونس مجاهد «وجدنا خلال هذه التجربة الفتية عند التطبيق عدة ثغرات في قوانين المجلس، وكذلك تناقضات في بعض النصوص والمقتضيات. وهو ما لم يسعفنا في إنجاز عدد من المهام المنوطة بنا... وهذا الأمر يتطلب العمل على تعديل هذه التشريعات التي هي اختصاص خالص للحكومة».

أما مفتاح فلاحظ أن هذه الولاية «كان ينقصها اقتحام البيئة التي يشتغل فيها هذا الاطار المهني الجديد». وأردف «لم تكن هناك الليونة الكافية في التعامل مع الشركاء المفترضين، نتيجة عدم التوافر على السلطة المعنوية القوية اللازمة» التي تمكنه من النجاح في أداء مهمته كاطار للحكماء، للتأثير بالشكل المطلوب في المشهد الإعلامي الوطني، وليس فقط باللجوء الى الزجر وفق ما ينص عليه القانون. ولئن كان خشيشن قد أبرز أن تنزيل اختصاصات المجلس الوطني للصحافة سمح بـ»رصد كثرة من العيوب التي يجب تصحيحها في المراحل المقبلة»، فإن مفتاح أكد بالمقابل أن تجربة المجلس كشفت «غموض فصول من القانون، وتعقيدات بعض المساطر.. كتلك المتعلقة بالتحكيم والتأديب والتصدي التلقائي للمجلس للقضايا المطروحة في الساحة الإعلامية».

هنا يقر مجاهد - وهو أيضا الرئيس السابق للنقابة الوطنية للصحافة المغربية – بأنه «على الرغم من أن هذه التجربة كانت متميزة، فإن تقييمها ومراجعتها بموضوعية، يظلان مسألة حيوية ومطلوبة بالنسبة لكل مكونات المهنيين»، في حين يرى خشيشن أن الأولوية «يجب أن تنصب على توافقات تطوير المهنة والمهنيين، بروح وحدوية... إذ لا يعقل أن نترك المعضلة التي تواجه القطاع، والتي تعمقت مع جائحة كوفيد-19، ونترك كل مظاهر التسيب والتقهقر في المهنة، لنتفرغ لأوهام وصراعات تمثيلية منقوصة». ويذكر هنا أن عدد الصحافيين المهنيين الحاصلين على بطاقة الصحافة التي يمنحها المجلس يبلغ 3394 صحافياً وصحافية، الثلثان منهم يعملون في وسائل الإعلام العمومي.

غير أن إدريس جبري، الأستاذ الباحث في الصحافة والإعلام قال لـ«الشرق الأوسط» إنه باستحضار التحديات المرتقبة في القطاع الصحافي والإعلامي والعاملين به - وبضمنها الثورة الرقمية التي أصبحت تقلص من مساحات المهنيين أنفسهم، إلى جانب التقلبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية السريعة في المغرب ومحيطه العالمي - «نضع أيدينا على قلوبنا بشأن مصير الصحافة والصحافيين، وندرك حجم التحديات التي تنتظر المجلس الوطني للصحافة... سواء المرتبطة بحقوق المواطنين في إعلام تعددي ومهني أو المتعلقة بحقوق الصحافيين المهنية والاقتصادية»، مشيرا إلى أن كل ذلك وغيره من الرهانات الكبرى ينبغي لمكونات المجلس المقبل استحضارها أفقا للتفكير.

وهكذا، تبقى الأسئلة التي يطرحها عدد من الفاعلين في الوسط الإعلامي مشروعة، خاصة ما يرتبط منها بمدى نجاح تجربة التنظيم الذاتي في قطاع لا يمكن أن يتنفس إلا في ظل أجواء الحرية والاستقلالية والنزاهة والتضامن، ويترفع فيه الجميع عن كل الاصطفافات والطروحات والمصالح الفئوية والذاتية، وينفذ إلى عمق التحديات التي تفرضها طبيعة المرحلة الدقيقة التي تجتازها الصحافة المغربية حاليا.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

قَرَّر المجلس الوطني للصحافة سَحْب البطاقة المهنية من مدير نشر موقع إلكتروني

 

المجلس الوطني للصحافة المغربية يرصد مخالفات تتمثل في احتقار الأديان وصور للقاصرين

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

دونالد ترامب يُقاضي شبكة «سي بي إس» ويتهمها بالتلاعب…
قصف جوّي إسرائيلي يودي بحياة ثلاثة صحافيين قتلتهم نياماً…
المنتدى السعودي للإعلام يُعلن موعد انعقاد نسخته الثالثة في…
الرئيس الفرنسي يتهم بعض الوزراء والصحافيين بتحريف تصريحاته بشأن…
في ذكرى رحيل جيزيل خوري الأولى تبقى رمزًا إعلاميًا…

اخر الاخبار

أخنوش يؤكد أن الملك محمد السادس يتابع تعبئة الموارد…
لجنة القطاعات الاجتماعية في مجلس النواب المغربي تُصادق على…
إيمانويل ماكرون يُشيد بجهود المغرب في مجال تدبير المياه
بوريطة يُرحب بقرار وقف إطلاق النار في لبنان ويدعو…

فن وموسيقى

الفنانة هند صبري ضمن قائمة أكثر النساء تأثيراً في…
منى زكي تحتفي بعرض فيلمها "رحلة 404" في هوليوود…
الكويت تسحب الجنسية من الفنان داوود حسين والمطربة نوال
حسين فهمي يكشف تفاصيل تحضيره لمهرجان القاهرة السينمائي في…

أخبار النجوم

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب…
أحمد العوضي يقبل تحدي أحد متابعيه في ركوب الخيل
مي عمر تدافع عن محمد سامي بعد تسريب فيديو…
حسام حبيب يهاجم شقيق محمد رحيم بسبب شيرين

رياضة

غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس…
محمد صلاح يؤكد أن مباراته أمام مان سيتي ستكون…
"الفيفا" يُعلن حصول ملف استضافة السعودية لكأس العالم 2034…
3 لاعبين مغاربة في قائمة المرشحين لجوائز الأفضل لعام…

صحة وتغذية

التحفيز العميق للدماغ يعيد القدرة على المشي لمريضين مصابين…
إجراء جراحي يعكس أضرار سرطان الساركوما ويعيد استقلالية المرضى
وزير الصحة المغربي يؤكد أنه لا يمكن وضع تشريعات…
السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

الأخبار الأكثر قراءة

قصف جوّي إسرائيلي يودي بحياة ثلاثة صحافيين قتلتهم نياماً…
المنتدى السعودي للإعلام يُعلن موعد انعقاد نسخته الثالثة في…
الرئيس الفرنسي يتهم بعض الوزراء والصحافيين بتحريف تصريحاته بشأن…
في ذكرى رحيل جيزيل خوري الأولى تبقى رمزًا إعلاميًا…
صحف إسرائيلية تصف 7 أكتوبر بـ"أحلك يوم في تاريخ…