يما رواية للروائي الهولندي من أصل مغربي محمد بن زكور
آخر تحديث GMT 11:33:16
المغرب اليوم -

"يما" رواية للروائي الهولندي من أصل مغربي محمد بن زكور

المغرب اليوم -

المغرب اليوم -

الرباط - المغرب اليوم

وصلت الى رفوف المكتبات الهولندية رواية الأديب الهولندي ذي الأصل المغربي محمد بن زكور، التي قد صدرت قبل أيام خلت عن دار النشر ‘خوش' في 220 صفحة. وتجدر الاشارة أن محمد بن زكور من الأدباء والمثقفين الشباب الذين برزوا في السنين العشر الأخيرة، واستطاع أن يفرض نفسه بشكل لافت للإنتباه في الحقل السردي الهولندي، وتثمينا لجهوده هذه كرم من طرف مؤسسات رسمية وغير رسمية ونال جوائز أدبية كثيرة. ينحدر محمد بن زكور من أسرة ريفية، حملها شظف العيش وقسوة الحياة على الهجرة باتجاه الشرق، اذ لم يكن أحد على دراية بما تخفيه مقبلات الأيام من مفاجآتّ، فكان الشرق الفضاء الذي شكل أسرة بن زكور، بعد ذلك هاجرت الأسرة مرة ثانية، لكن الهجرة هذه المرة كانت صوب هولندا، الى إحدى ضواحي مدينة روتردام. لم يكن محمد قد تجاوز سنه الثالثة. وفيها استكمل تعليمه. وتجدر الاشارة أنه قد تتلمذ على يد السياسي اليميني بيم فرتاون الذي اغتيل سنة 2002 من قبل أحد النشطاء لآرائه اليمينية. ظل محمد طيلة السنين العشر الأخيرة، مساهما في النقاش الدائر في الأوساط الثقافية والسياسية الهولندية، حول قضايا الدين، الهجرة، التعدد الثقافي، الهويات بل دفاعه المستميت عن قضايا المغاربة في المجتمع الهولندي، محاولا فكفكة سردية ما اصطلح عليه بالمشكلة المغربية. ‘يما' التي تعني بالريفية أمي، كان عنوان آخر رواية صدرت قبل أيام قليلة، ويتدارك محمد هذا العنوان بعنوان جانبي ‘حياة صمت لأم مغربية'، وكأنه بهذا يخبرنا أن أمه عاشت طيلة حياتها في صمت، وهاهي الآن قاربت لحظة الرحيل جراء مرضها وسترحل عنا في صمت، وستدفن في صمت، وما ذا عساني أن أفعل، الا أن أخترق هذا الصمت الرهيب وأن أمنح ليما صوتا، أتحدث من خلاله بالنيابة عنها، وهو بذلك صوت كل الأمهات المهاجرات المنسيات بالغربة والبعيدات عن الأهل والوطن. الرواية تحكي معاناة أم محمد مع المرض الذي ألم بها فجأة، قادتها الأقدار الى احد المستشفيات للعلاج. عملية جراحية واحدة كانت كافية لكي تجعل من أم محمد جثة هامدة، متخشبة على أحد أسرة المستشفى، لا تقوى على الحركة ولا على أن تنبس ببنة شفة. هذا ما فرض على الأسرة الاعتناء الدائم والمستمر بالأم، هذه الأخيرة التي استطاعت طيلة حياتها أن تعتني بأبنائها الخمسة، لكن هؤلاء الخمسة عجزوا على الاعتناء بالأم الواحدة،لعله الكاتب يشير الى تعقد الحياة الأوربية وتنامي الفردانية بين أبناء الأسرة واضمحلال القيم والبنيات الأسرية التقليدية، القائمة على التكافل والتضامن والاعتناء بالوالدين. وتجدر الاشارة أن ثمة دراسات اجتماعية كثيرة لمحت لهذا التحدي، الذي سيجابه أسرا مسلمة كثيرة، وأن المسار كفيل بأن ينحو نفس النحو الذي نحته الأسر الأوربية. صاحبت معاناة أم محمد من المرض، معاناتها أيضا من البرامج وبرتوكولات المستشفيات التي لا تولي أي اهتمام للفضاء التداولي الذي ينتمي اليه المريض يماس نمحمذ .فأم محمد لم يجرأ أحد على الجلوس بجانبها طيلة حياتها الزوجية التي تجاوزت الخمسين عاما الا والد محمد، وها هي الآن نائمة في قاعة علاج بمقابلها يعالج ثلاثة رجال غرباء عنها، أما كان من الأجدر أن تحظى يما بسرير في غرفة خاصة بالنساء فقط ؟ سؤال طرحه محمد مرارا و تكرارا لكن الأجوبة كانت دائما جاهزة، أحيانا تحيل على التقشف من جهة وأحيانا على نقص الامكانات و كثرة الطلب من جهة ثانية. أم محمد لم تعد قادرة على التحدث اليه، هنا كانت الحاجة ملحة للترويض اللغوي. بدأت سلسلة الترويض اللغوي الذي عمل خصيصا للمرضى من'أصول هولندية قحة، القائم على أسلوب لغوي مسبوك، لا يكاد يدرك فحواه الا من تخصص وتعمق في عوالم هذه اللغة، ناهيك عن الأم التي لم تعرف قط طريقا نحو المدرسة. فما كان من الطبيبة المختصة الا أن تخلص الى النتيجة المنطقية والطبيعية التي مفادها أن الأم لن يكون بمقدورها أن تتحدث بعد اليوم، عندئذ أشار محمد على الطبيبة بوضع برنامج خاص بها، يراعى فيه ما سبق للأم أن حفظته، كبعض سور'القرآن الكريم التي ظلت الأم طيلة حياتها تتلوها آناء الليل وأطراف النهار، لكن الجواب لم يطل طويلا' أتريد مني أن أدرس وأتعمق في الاسلام. كثيرة هي المشاهد التي وصفها الكاتب لمعاناة الأم والأسرة من البرامج الصحية التي لاتولي ولو قسطا ضئيلا من الاهتمام للقيم غير المسيحية، مما يجعل الألم مضاعفا. بكلمة، ‘يماَ' هي لسان حال كثير من الأمهات الصامتات في ديار الغربة والهجرة، كتبت بلغة سردية، حكائية، مسبوكة وراقية. مطعمة بالمعجم الأمازيغي الريفي الذي هو في نهاية المطاف معجم يما.

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يما رواية للروائي الهولندي من أصل مغربي محمد بن زكور يما رواية للروائي الهولندي من أصل مغربي محمد بن زكور



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:45 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية
المغرب اليوم - أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib