ثنائية روائية لنور عبد المجيد في الدار المصرية اللبنانية
آخر تحديث GMT 01:06:35
المغرب اليوم -

ثنائية روائية لنور عبد المجيد في الدار المصرية اللبنانية

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - ثنائية روائية لنور عبد المجيد في الدار المصرية اللبنانية

القاهرة ـ مصر اليوم

صدرت رواية "أنا شهيرة" و "أنا الخائن" من جزأين لنور عبد المجيد، عن الدار المصرية اللبنانية بغلاف الفنان عمرو الكفراوي، وتدور الرواية على لسان البطلين، حيث تحكي شهيرة حكايتها كما عاشتها، ويحكي رؤوف في "أنا الخائن" حكايته كما جرت معه، وهو يمثل الوجه الآخر لشهيرة أو الطرف الثاني في العلاقة. فى هذه الرواية تغوص نور عبد المجيد مجددًا في خفايا النفس البشرية، راصدة لحظات انتصارها وانكسارها، فرحها بالحب وفزعها من الخيانة. حيث تشكل تيمة الخيانة بطلاً رئيسيًا في هذه الحكاية بجزئيها وهى تيمة فنية عند نور عبد المجيد، فهي دائمًا ما ترمي من خلال تناولها إلى الوقوف على دوافع النفس البشرية، وإحساسها الوجودي الضاغط، ومن خلالها تستخرج المناطق المظلمة في الروح، وتعرضها إلى الضوء حتى تتطهر. تذكرنا تيمة الخيانة هنا برواية أخرى لنور عبد المجيد هى " أريد رجلاً".  وبطلتها أمينة التي أمضت حياتها متعاطفة مع والدتها المجروحة من خيانة زوجها لها "والد أمينة"، وتتعرض هي الأخرى إلى خيانة زوجها الذي، تزوج عليها سرًا بضغط من والدته لينجب صبيًا، بعدما أنجبت هي له ابنتين، ويكون رد قعل أمينة الانتقامي هو الطلاق بحجة أن زوجها لا ينجب الذكور. تجعل نور عبد المجيد من تيمة "الخيانة الزوجية" مدخلاً نفسيًا دائمًا، واستعارة تعبر من خلالها عن قوة إرادة المرأة، ونضالها من أجل الوجود المستقل، فلا تستجيب للعادات والتقاليد، ولا تقبل بالذل والمهانة، أو بدور التابع غير الفاعل في العلاقة الإنسانية، حتى أنها في "أنا شهيرة" تصل بها إلى ذروة الانتقام، بأن تقرر شهيرة خيانة من خانها. " دخل زياد غرفة نومه ونظرت حولى فى ذهول ووقفت عيناي على دراجة حنان أخت وحيدي .. أهداها إياها رؤوف، وانتفضت فى غضب وابتعدت بعيني بعيدًا عنها .. ثم عادت عيني تقف على صورة تضم فيها عزة ضياء بين ذراعيها، واشتعلت في جسدي نار أكبر .. عزة أم ضياء .. عزة الصدر الحنون .. ما ذنبها؟! نهضت من مكاني في جنون .. ما ذنبي أنا؟! إن علمت عزة فلتأخذ هي الأخرى بثأرها .. لو أن كل امرأة خانت من خانها، لربما تردد كل رجل ألف مرة، قبل أن يرشق سكينه في صدر من لا ذنب لها. ركضت خلف زياد وفتحت باب غرفته في صمت .. انتفض زياد الذي كان نصف عار، وشعرت بصدري يتهدج في جنون، وسمعته يصيح وهو يلتقط بقايا ملابسه: -         شهيرة .. ما الذي يحدث ؟!      تقدمت نحو زياد ونظرت في عينيه، وقلتها: -         زياد .. خذني .. أريدك أن تأخذني.. لم أقلها يومًا لرؤوف .. وما ظننت أنني يومًا أعرف كيف أنطق بها .. لكني شعرت بدمعة تسقط من عيني، وشعرت بملابس زياد التي يحملها تسقط من بين أصابعه، وعاد ينظر إليّ في ذهول كبير، ومددت ذراعي أتحسس ظهره العاري، وضمني إليه وهو يردد: -         هل أنت بخير؟! شهيرة؟!    عدت أتوسل إليه أن يأخذني .. وأغلق زياد ذراعيه حول ظهري في جنون كأنه لا يصدق، وأيضًا لا يريد أن يكذّب ما يرى أو يسمع .  أبهذه البساطة حقًا يسقط الرجال؟ زياد وضع شفتيه في طيات شعرى، وهو يردد أنه يحبني! يحبني .. ما زال يحبني؟! رغم عزة والأطفال والأعوام؟! رغم رؤوف والصداقة والأعوام؟! هل قالت لرؤوف امرأته إنها أيضًا تحبه رغم زوجها وأطفاله؟! وهل نسي أنه يحبني هو الآخر؟! أهكذا تحدث اللحظة؟ أهكذا يسقط الرجال؟! وكيف بعدها يطلقون على أنفسهم رجالاً؟! امتدت أصابع زياد تخلع عني قميصي الأبيض، وسقط بي على فراش عزة وبقيت مفتوحة العين، أريد أن أبقى مفتوحة العين، أريد أن أشهد بعيني "اللحظة"، أريد أن أشهد العدل والمتعة، التى من أجلها نغضب الله ونقتل الأبرياء. كان زياد مغمض العينين وكنت مفتوحتهما، شعرت بأصابعه تعتصر صدري، وشعرت به يقتحم جسدى، وأطلقت صرخة صغيرة شعرت بعدها بدمعي يسقط في جنون، زياد كان محمومًا وهو يتجول داخل جسدي، وأنا كنت أبحث عن المتعة فلم أجد، بحثت عن الشعور بالنصر ولم أجد، بحثت عن رائحة العدل، فلم أجد إلا رائحة قذرة أبشع من رائحة القبور، ورغم هذا لم أقاوم، رغم هذا لم أحاول الهرب من جسده، بقيت مفتوحة العين كأني أذبح للمرة الثانية. بعد لحظات طويلة قضاها داخل جسدي، فتح زياد عينيه ينظر في وجهي، وقال في ألم: -         شهيرة .. شهيرة .. أنت ..     غادرني زياد .. غادرني كما غادرنى رؤوف .. يبدو أنني أنا من أصبح لا يكتمل معها لقاء، لا في الحلال ولا في الحرام. بقيت على فراش عزة، أرقب وجه زياد في جسدي العاري وعيني الممطرتين لحظات. اللحظة لم تأتِ، اللحظة لن تأتي، مسكين رؤوف!!! الآن علمت لم حَكَمَ الله برجم الزناة، رجمهم ليس عقابًا بل رحمةً بهم، وتطهيرًا لهم من دناوة وقسوة "اللحظة" ! هم أبداً لن يشعروا بالألم من تلك الحجارة الصغيرة التي تلقى عليهم، من ذاق ألم "اللحظة" يعلم ألا ألم قبله أو بعده أو مثله!! فنيًا نور عبد المجيد لديها قدرة هائلة على تكثيف الفكرة، واكتشاف الجديد دائمًا، فضلاً عن غرامها بالغوص الملحّ في النفس البشرية محاولة اكتشافه. كما أنها تعتمد تقنية الرواية داخل الرواية، فالجزء الأول من هذه الثنائية "أنا شهيرة" و "أنا الخائن" تبدأ بخطاب من بطلة الرواية شهيرة،  ترسله إلى الكاتبه تحكي فيه حكايتها، وتصف فيه نفسها، ثم تسير الرواية بعد ذلك في طريقة السرد المستقيم زمنيًا، مع تعدد الحكايات الفرعية التي تغني الموضوع، وتظهر الجانب الخفي منه، والاستقامة الزمنية دائمًا ما تركز على الزمن النفسي، ورصد خلجات الذات في مواجهة العالم وفي مواجهة النفس والاعتراف بلحظات الضعف والوقوع في الخطأ بوعي للانتقام أو للضعف البشري، الذي هو جزء من التكوين النفسي للأبطال لدى نور عبد المجيد، التي تنسج خيوط شخصياتها ببراعة وصبر. لدى نور عبد المجيد عادة تصر عليها فى غالب رواياتها فتبدأها بإهداءين، تحاول فيهما منح القارئ مفتاح فهم شخصياتهاـ وهذا الجزء من هذه الثنائية لم يخرج عن هذه العادة، فجاء إهداؤه الأول إلى " نور وكريم... إلى من علمتهما الحب والصدق والحنان، ولا أعلم هل يغفران لي عندما يدركان أنها ذنوب وخطايا لا تغتفر". والإهداء الثاني يمثل جزءًا من الرواية وتقول فيه "إلى شرفة مهجورة تئن في القلب، يعبرون ويعزفون الألحان كثيرًا، لكن ما استحق سكناكِ أحد بعد".  الجزء الثاني من هذه الثنائية يمثل الوجه الآخر لحكاية شهيرة، أو الطرف الثاني الذي خان والذي تمت خيانته، وكيف وقع هو في الخيانة، وكيف استقبلت شهيرة اعترافه، وتتركه الرواية معلقًا في براثن العذاب، بعد أن قامت هي برد خيانته، بوعي وبدافع الانتقام والثأر للكرامة الشخصية لكن الأمر كان مريرًا على كليهما، وفي تفاصيل هذه الرواية الثنائية أو ذات الوجهين نطالع عوالم كثيرة ذاتية وجمالية أقرب إلى الملحمة الإنسانية الكبيرة، وكيف يقع البطل في لحظة الاعتراف تحت ضغط الضمير يقول البطل رؤوف في "أنا الخائن". علمت أني كنت أحلم وعلمت أني قلت لا لزهرة؛ لأني أبدًا لا أريد لجسدي سوى زوجتي. في جنون، ضممت شهيرة إلى صدري؛ وقلت باكيًا: -         أنا أحبك .. وحدك .. كانت تبتعد عن صدري، وهى تبكي، ثم تعود إليه من جديد، وتبكي أكثر، كنت أعلم أنها تتمنى أن تقول وتسأل لكنها تخشى أن أكرر جنوني وصدي ككل ليلة. كانت تبكي بكاءً مريرًا على صدري، وكانت كلما ابتعدت عنه، أعود بها إليه، أنا من يريد أن يحتمي بها لو تعلم. ابتعدت شهيرة عن صدري، ونظرت في وجهي، كأنها تتوسل إليّ قائلة: -         قبّلني يا رؤوف أرجوك .. سيدة رؤوف وسيدة قلبه ترجوه قُبلة. آآآه لو تعلم .. قبلتها، قبلتها في جنون وقسوة، كانت تبكي، وكنت معها أبكي، في لحظة كانت عارية بين ذراعيّ وكنا مازلنا نبكي. أخذتنى شهيرة وأستجاب لها جسدى .. لكن فى تلك اللحظات، وعندما لامست وجنتاي وجنتيها المبللتين بدمعها، شعرت أنها زهرة، وأن الدمع هو ذاك الدمع، وأن الجسد هو ذاك الجسد. أنتفضت في جنون، لا أعلم عن أى جسد فيهما ابتعد، وصحت: -         لا أستطيع. نعم لا أستطيع أن أفعل، كنت أشعر أن بقايا امرأة أخرى، ما زلت على جلدي وأنفاسي. أنفجرت كلغم، طال انتظاره تحت الأتربة، لا أعلم ماذا قلت أو بماذا صرحت، لكني أخبرتها أني ضاجعت امرأة أخرى، وعدت أقول لها ليست امرأة هي سيدة تموت، ثم عدت أبكي، وأنا أقول إنها كانت يومًا زوجتي، حبيبتي، لا أعلم، والله لا أذكر شيئًا مما قلت. لكن أذكر بوضوح جسد شهيرة العاري، وهو ينتفض، كأنه يتلوى تحت ألف سوط غضب، وألف سوط ألم وحزن وسخط. جفت عيناها من الدمع، جحظتا حتى ظننتني أمد يدي، وأعيدهما إلى مكانيهما، لا أعلم كم حاولت أن أصل إلى كفها، كم تمنيت لو تفهمني، لو تسمعني أو لو أني حتى أستطيع الحديث.  غابت بعيدًا، وعادت أنا مصلوب على فراشنا، لا أفهم شيئًا، عادت تفتح خزانة ملابسنا، وهى ترتدى كامل ملابسها. ما ترتديه يقول إنها في طريقها إلى خارج البيت، هل تتركني؟! هل ترحل ؟! نهضت إليها، أمسكت بذراعها، روجوتها أن تفهم، رجوتها أن تساعدني لأحكي لها القصة، لكن شهيرة ابتسمت سيدتي، وأخبرتني في جنون أنها على استعداد، لأن تسمع القصة، وعلى استعداد للبقاء، بل قالت في قسوة لا أنساها إنها على استعداد لأن تخلع ملابسها، وتكمل ممارسة الحب معي فقط إن أجبتها عن سؤال واحد.  لماذا؟! "أنا الخائن" صدرته المؤلفة أيضًا بإهدائين: إلى شهد أيامي وسكّرها.  العمر حبيبتي أقصر من المقامرة في الحب، والسعادة لا منطقة وسطي إما أن نبقى أو ننسحب. والإهداء الثاني إلى: دعاء أراه بفضل الله تحقق، إلى حبيبة عاهدتني لأن يبقى الحب بيننا وإن "نفخت فيه من روحها" إلى دعاء سليمان هل تراه حقًا يبقى. وعلى عكس الجزء الأول الذي جاء على هيئة رسالة طويلة أرسلتها البطلة إلى المؤلفة، يبدأ الجزء الثاني، حيث يقول رؤوف البطل في "أنا الخائن"، وفي أول جملة "أحتاج امرأة". فى كلمة كاشفة عن طبيعة الرجل ومدى استجابته للخيانة. نور عبد المجيد روائية وكاتبة صحفية، صدر لها من قبل: "وعادت سندريلا حافية القدمين" ديوان شعر، وروايات مثل "الحرمان الكبير" و "نساء ولكن" و "رغم الفراق" و "أريد رجلاً" و "أحلام ممنوعة". عملت نور عبد المجيد فترة في الصحافة، حيث شغلت منصب مسؤول تحرير مجلة "مدى" السعودية لمدة عامين، ومنصب مساعد رئيس تحرير مجلة "روتانا"، ولها عامود ثابت في مجلة "كل الناس" الأسبوعية، وهي الآن متفرغة للكتابة.   

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثنائية روائية لنور عبد المجيد في الدار المصرية اللبنانية ثنائية روائية لنور عبد المجيد في الدار المصرية اللبنانية



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib