الطبيب فيلم ألماني يحكي قصة المعلم الأكبر ابن سينا
آخر تحديث GMT 23:44:51
المغرب اليوم -

"الطبيب" فيلم ألماني يحكي قصة المعلم الأكبر ابن سينا

المغرب اليوم -

المغرب اليوم -

ابن سينا فيلم ألماني غارق في الاستشراق
لندن ـ المغرب اليوم

أقل ما يمكن أن نصف به فيلم الطبيب (2013 The Physician) للمخرج الألماني فيليب تشولزل، أنه فيلم مثير للجدل، فقد كانت الأطروحة الرئيسة هي حوار الثقافات بين الشرق المستنير والغرب الغارق في ظلمة التعصب الديني والجهل في بدايات القرن الحادي عشر.
الفيلم ثيمته محاولة سرد حكاية إمكانية تعايش الأديان الإبراهيمية الثلاثة (الإسلام والمسيحية واليهودية) متى ما توفر لها المناخ الصحي القائم على التسامح وحب الآخر، أهداف كبيرة ونوايا حسنة، لكن هل نجح الفيلم في إيصال رسالته إلى المتلقي؟.الفيلم قصة طفل يتيم يعيش في بريطانيا خلال مطلع القرن الحادي عشر في ظروف صعبة جدا، تتوفى والدته بسبب التهاب الزائدة الدودية التي لم يكن لها علاج حينذاك.
هذا الموت الصادم سوف يشكل تحديا أمام عقل الطفل ويدفعه إلى محاولات محمومة لإيجاد حل للناس الذين يموتون بسبب أمراض يمكن أن تعالج لينجو أصحابها، مما يدفعه إلى امتهان حلاق جوال ومتطبب، إذ كان الطب في أوروبا العصور المظلمة قد وصل إلى الدرك الأسفل، وأصبح الحلاقون الجوالون هم عماد التطبيب في عصور الجهل التي تعيشها أوروبا.ورغم نباهة الولد روبكول (لعب الدور الممثل البريطاني تومباين) إلا أنه كثيرا ما وقف عاجزا أمام أسرار العلل التي يحاول أن يسأل عنها معلمه الحلاق (لعب الدور الممثل السويدي شتيلان سكاسكارد).ودائما ما كان الجواب مخيبا لآمال الشاب، إلى أن يلتقي بطبيب يهودي مختص بعلاج العيون يقوم بجراحة مبهرة للمعلم الحلاق بعدما كاد يقترب من العمى، وعندما يسأله كول عن هذه الخبرة يجيبه الطبيب اليهودي بأنه قد تتلمذ على يد أعظم طبيب في العالم وهو ابن سينا في الشرق، بمدرسته الكائنة في مدينة أصفهان.
يستقرّ رأي كول على وجوب السفر إلى الشرق وينهل من علم أشهر طبيب في العالم، إلا أن هناك مفاجأة صادمة يخبره بها اليهودي: إن المسيحيين غير مسموح لهم بالدراسة في مدارس الشرق، بل ربما يتسبب السفر إلى هناك في قتل المسيحي الذي يحاول ذلك!!ويستمر الفيلم في سرد مغامرات روب كول أثناء رحلته إلى الشرق ودراسته بمدرسة ابن سينا، في حبكة تقليدية قائمة على قصة حب مستحيلة مليئة بالمغامرات والأخطار التي تقطع الأنفاس يواجهها بطل يكاد يكون خارقا.الفيلم قائم على رواية للكاتب الأميركي نوح غوردون بنفس العنوان (الطبيب) وهي الجزء الأول من ثلاثية (عائلة كول)، “الطبيب” صدرت عام 1986 والجزء الثاني “الشامان” صدرت عام 1992، والجزء الثالث “مسألة اختيار” صدرت عام 1995.
في فيلم الطبيب، حدثت العديد من السقطات أو المغالطات التاريخية، أولها أنّ المكان الرئيسي للاحتكاك الحضاري إبان القرون الوسطى كان الأندلس، وأنّ من يسعى إلى طلب العلم لم يكن محتاجا إلى القيام برحلة بآلاف الكيلومترات إلى الشرق، حتى أن تراث ابن سينا وغيره من علماء الشرق الإسلامي دخل إلى أوروبا عبر حركة الترجمة التي تمت في الأندلس من العربية إلى اللاتينية.
كما أن القرن الرابع الهجري/ الحادي عشر الميلادي، لم يشهد أي اضطهاد ديني لمسيحيي الشرق، والدليل على ذلك أن البلاط العباسي كان مليئا بأطباء وعلماء ومترجمين من هذه الطائفة، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر حنين بن إسحاق وولده إسحاق بن حنين وجبريل بن بختيشوع، وأن جاثليق (بطريرك) الكنسية النسطورية الشرقية، أكبر كنائس المشرق حينها، لا يباشر مهام أعماله الدينية إلا بعد أن يصدر الخليفة العباسي مرسوما بذلك.وأن كنائس وأديرة المسيحيين كانت مصانة هي وبقية دور عبادة الأديان الأخرى في العصر العباسي، إلا في بعض الحقب القصيرة التي اشتعلت فيها الفتن الدينية، كما أن أتباع الأديان الإبراهيمية وحسب الشرع الإسلامي كانوا يعاملون كأهل ذمة لا يجوز الاعتداء عليهم. الهفوة الأخرى هي أطروحة التهديد السلجوقي لملك الشاه علاء الدولة، وهو من أمراء الدولة السامانية -وهي الدولة التي كان يعيش ابن سينا في بلاطها مقربا من أمرائها- في الشرق، والمؤكد تاريخيا أن التهديد السلجوقي لهذه الإمارات لم يظهر إلا بعد حوالي 75 سنة من وفاة ابن سينا، وأن الحروب التي كانت دائرة وقتها كانت حروبا بين أمراء محليين.
ولم يذكر أيّ مصدر تاريخي في هذه الفترة أن أحدا تجرأ على تشريح الجثث البشرية في القرن الحادي عشر، بسبب سطوة التقاليد الدينية للأديان الإبراهيمية، وأن عمليات التشريح لم تتمّ إلا بداية عصر النهضة الأوروبية عندما تراجعت سلطات الكنيسة بعض الشيء في القرن الخامس عشر.يمكن للمتلقي أن يلاحظ بسهولة أن الجوّ العام للفيلم قد سقط في هوة الصورة النمطية الاستشراقية للشرق، الصورة التي تقدم الشرق عبر مجموعة رموز ستريوتايبية على أنه مكان مليء بالعنيف والقتل والجواري والقباب وقوافل الجمال.. الخ، لكن كل ذلك لم يمنع من تقديم فيلم ممتع لا يمرّ به المشاهد مرور الكرام، وإنما يدفعه إلى التفكير وإلى محاولة ولو بسيطة للفهم، وهذا هو الأهم في دور السينما.

 

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطبيب فيلم ألماني يحكي قصة المعلم الأكبر ابن سينا الطبيب فيلم ألماني يحكي قصة المعلم الأكبر ابن سينا



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 22:05 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يقول ما حصل في لبنان ليس هدنة بل اتفاق مستدام.
المغرب اليوم - هوكشتاين يقول ما حصل في لبنان  ليس هدنة بل اتفاق مستدام.

GMT 01:29 2023 السبت ,23 أيلول / سبتمبر

فيسبوك يغير شعاره إلى اللون الأزرق الداكن

GMT 20:43 2023 الإثنين ,01 أيار / مايو

المغرب يُنافس في بطولة العالم للملاكمة

GMT 21:54 2023 الجمعة ,17 شباط / فبراير

الليرة تسجل تدهوراً جديداً فى لبنان

GMT 23:47 2023 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

أسواق الخليج تتباين ومؤشر "تداول" يتراجع 0.2%

GMT 20:22 2022 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة "بيتكوين" تخسر أكثر من عشر قيمتها في 24 ساعة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib