قُتل أربعة أفراد من عناصر الأمن في باكستان الثلاثاء، في مواجهات بين قوات الأمن المنتشرة بشكل واسع وآلاف من أنصار رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان الذين دخلوا في الصباح الباكر إلى العاصمة إسلام أباد للمطالبة بالإفراج عن زعيمهم المسجون.
وتتقدم الحشود باتجاه ساحة "دي تشوك"، حيث ينوي المتظاهرون الضغط على السلطات التي تقع مقارها في حي محاذٍ، من أجل الإفراج عن عمران خان، البالغ من العمر 72 عاماً، المسجون والملاحق في مئات القضايا.
وأعلن مسؤولون مقتل عناصر الأمن الأربعة، بعدما دهستهم سيارة يقودوها متظاهرون.
وقال وزير الداخلية الباكستاني، محسن نقوي، في بيان، إن العناصر "قتلوا في هجوم" شنه متظاهرون في وسط إسلام أباد.
وأشار شهباز شريف رئيس الوزراء الباكستاني، إلى أن "سيارة صدمتهم خلال هجوم" شنه متظاهرون، مضيفاً في بيان: "هؤلاء المخربون لا يسعون إلى الثورة، بل إلى سفك الدماء".
الأمن يسيطر على ساحة دي تشوك
وتمكن المتظاهرون من الوصول إلى ساحة دي تشوك، لكن قوات الأمن استعادت المنطقة بعد ساعات فقط من وصولهم.
ويقول صحفيو بي بي سي في مكان الحادث، إنه "لم يتبق هناك متظاهر واحد، فقط الشرطة وقوات شبه عسكرية، ومن غير الواضح حالياً أين ذهب المتظاهرون، أو أين قادتهم الآن".
وأكدت حركة الإنصاف الباكستانية أن الشرطة استعادت السيطرة على دي تشوك، وأغلقت الآن الأسواق القريبة من مكان الاحتجاج.
وأوضح منسق وسائل الإعلام في الحزب، أنهم غير متأكدين من مكان قادة الاحتجاج، بما في ذلك زوجة عمران خان، بشرى بيبي.
وقال المتحدث باسم الحزب: "لا أعرف حقاً، هناك مشكلة كبيرة في الإنترنت".
أين تكمن أهمية ساحة دي تشوك؟
يقع ميدان دي تشوك في قلب الحي الحكومي بإسلام آباد، إذ كان في السابق ساحة عرض عسكري، ثم أصبح مسرحاً للتجمعات السياسية والاحتجاجات منذ ثمانينيات القرن العشرين.
وعند تقاطع شارع جناح وشارع الدستور، تحيط بالميدان المباني الرئيسة للحكومة والبرلمان والمحكمة العليا، ويقع الجيب الدبلوماسي على مسافة قصيرة.
وقاد رئيسا الوزراء السابقان نواز شريف وبينظير بوتو مسيرات معارضة هنا في التسعينيات.
وفي عام 2014، قبل أن يصبح رئيساً للوزراء، نظم عمران خان اعتصاماً لمدة 120 يوماً في دي تشوك، حيث خيم عشرات الآلاف، وهتفوا واستمعوا إلى الخطب التي تدعو إلى استقالة شريف، الذي كان في السلطة في ذلك الوقت.
وحاولت السلطات لاحقاً وقف التجمعات الكبيرة، وأعلنت الميدان منطقة ممنوع فيها الاحتجاج، لكنها لا تزال نقطة جذب للمتظاهرين حتى يومنا هذا.
وقد وُجهت الدعوة إلى التظاهر يوم الأحد، بتشجيع من بشرى بيبي زوجة رئيس الوزراء السابق التي خرجت من السجن للتو.
وكانت بشرى بيبي قد حُكم عليها بالسجن مع عمران خان في يناير/كانون الثاني الماضي، لكن أُفرج عنها بكفالة في أواخر أكتوبر/تشرين الأول.
وانطلق موكب حركة الإنصاف من ولايتين محاذيتين للعاصمة، هما البنجاب في الشرق حيث أقام عمران خان لفترة طويلة، وخيبر-باختونخوا، معقل الحركة في الغرب، إذ احتاج الموكب إلى أكثر من 48 ساعة للوصول إلى مشارف العاصمة حيث يقبع خان في السجن.
وقد واجه المتظاهرون صعوبات واضطروا إلى إزاحة مئات الحاويات التي وضعت لقطع الطرق.
وبات المتظاهرون الآن على مسافة كيلومترات قليلة من دي تشوك في قلب البلاد، حيث يستقبل رئيس الوزراء بحفاوة الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشنكو.
وخلال الليلة الماضية، أفادت وسائل الإعلام المحلية طوال الليل بحدوث محاولات للتفاوض بين السلطة وحركة إنصاف التي يتزعمها عمران خان.
ومنذ الأحد ينتشر أكثر من 20 ألف عنصر أمني، حسب ما أفادت شرطة إسلام آباد.
وأطلقت القوى الأمنية باتجاه المتظاهرين الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاط، فيما رد المتظاهرون برمي قنابل مسيلة للدموع والحجارة والعصي.
ومنذ مطلع الأسبوع فعّلت إسلام أباد "المادة 144"، التي تحظر التجمعات التي تزيد عن أربعة أشخاص، لمدة شهرين، وقد حذت ولاية البنجاب حذوها لثلاثة أيام.
وأكد وزير الداخلية محسن نقوي لدى تفقده دي تشوك مرات عدة خلال الليل، أن "كل من سيحضر إلى هنا سيعتقل".
ولا تزال مدارس إسلام آباد مغلقة، فيما تؤكد السلطات أن "شبكة الإنترنت النقال ستقطع" في أي مكان يحدد فيه وجود "خطر". ومنذ الأحد، لم ينج أي حي من انقطاع هذه الخدمة.
في المقابل، يستمر علي أمين غاندابور، رئيس حكومة ولاية خيبر-باختونخوا، في تحدي السلطات بقوله: "يمكنكم إطلاق النار علينا وقصفنا وسد الطرق بحاويات، وفي حال تفاقم الوضع ستكونون مسؤولين عن ذلك".
وحضّت واشنطن السلطات على "احترام حقوق الإنسان" داعية المتظاهرين إلى المحافظة "على سلمية" تحركهم.
ونددت اللجنة الباكستانية لحقوق الإنسان - المنظمة غير الحكومية الرئيسية التي تعنى بالدفاع عن الحريات في البلاد-، بعمليات تعطيل "تنعكس سلبا على المواطنين، ولا سيما الذين يعتمدون في دخلهم على حرية التنقل".
وتساءلت صحيفة "دون" الناطقة بالإنجليزية: "هل تستعد شرطة إسلام آباد لحرب" مع نشرها مئات الحاويات في الشوارع؟.
وواصلت الصحيفة بأن "إسلام أباد ستتحول مرة جديدة إلى ما يمكن وصفه بأرض الحاويات، هل هذا فعلاً ضروري؟"
من هو عمران خان؟
ظل عمران خان في السجن لأكثر من عام بتهم تتراوح من الفساد إلى التحريض على العنف إلى الزواج غير القانوني، والتي يقول إنها كلها ذات دوافع سياسية.
ولا يزال قائد فريق الكريكيت السابق في البلاد شخصية تحظى بشعبية كبيرة، وحتى من خلف القضبان لا يزال القوة المهيمنة على سياسة المعارضة الباكستانية.
وخلال الانتخابات في فبراير/شباط، ظهر حزبه "حركة إنصاف الباكستانية"، الذي مُنع من الترشح وأُجبر على ترشيح مرشحين مستقلين، باعتباره الكتلة الأكبر.
لكنهم لم يحققوا الأغلبية واتحد منافسوهم لتشكيل حكومة جديدة.
وعمل خان أربع سنوات كرئيس للوزراء قبل أن يخسر تصويتاً برلمانياً بحجب الثقة في عام 2022، فيما ذكرت التقارير أنه اختلف مع الجيش القوي في البلاد.
قد يهمك أيضــــاً:
موانئ أبوظبي توقع 4 مذكرات تفاهم لاستكشاف الفرص في باكستان
حارس باكستاني يقوم بإطلاق النار على صينيين اثنين في مصنع بكراتشي
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر