بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها
آخر تحديث GMT 19:05:08
المغرب اليوم -

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها.

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها.

دلال قنديل
بقلم : دلال قنديل

كيف لمبدع مستباحة حقوقه وحريته ان يحمي ابداعه؟

يشيح زائرو معرض بيروت الدولي للكتاب وجوههم عن الواجهة البحرية المطلة على آثار زلزال العصر في مرفأ المدينة .
ينحازون لفرحة عودة النبض للقاعات الخاوية  منذ عام2019.
تنظيم المعرض المتقلصة مساحته إنجاز يعتد به المنظمون رغم تراجع عدد المشاركين.
لطالما كانت الكتابة الأصيلة هماً ذاتياً إبداعياً لكن عدم توافر روافد دعمها يجعلها عرضة للاندثار.
يستوقفني ناشر لا يعرف النوم قبل أن ينهي التدقيق بكتاب احبه، وآخر يسّر لي في دردشة ان كتاباً فلسفياً نشره قد غيرَ حياته.
كم تنعش آمالنا ظاهرة الناشر المثقف وكم نخشى تقهقرها كما هو حاصل في عالمنا الآيل لتسليع كل شيء .تسليع الثقافة كقيمة فكرية قبل اي شيء آخر.الثقافة ليست ظاهرة هي لب تطور المجتمعات وحصيلة تقدمها.هي الحصان الذي يقود العربة والرافعة التي تنهض بها.
عن اي ثقافة نتحدث والعلم الى تقهقر في بلد تنفث جامعته الوطنية انفاسها الاخيرة ويهاجر شبابه ومثقفوه.
قد يبدو معرض الكتاب مناسبة لسؤال مستفز هو قديم جديد، لكنه يبقى ماثلاً امام هول الاستخفاف بنتائجه على مدى السنوات.كيف تستمر الكتابة كفعل يتنامى و حقوق المؤلفين والمترجمين مهضومةبلا روادع؟كيف يبدع من يرى حياته مهددة ومستباحة بالقمع والقهر والتسلط في مجتمع العصبيات المتفاقمة؟ .
تحت شعار الثقافة يُستباح  نتاجُ المبدعين و عبودية المؤلفين مبررة.كثر جعلوا الكتاب سلعة تبتغي الربح.يطبعون نسخاً متراكمة بلا تعداد، يسرقون حقوق المؤلفين بلا رادع ، يمتهنون التزوير وسيلة كسب وان غير مشروعة.
تطفو الاحتفالات على السطح،
ندخل محرك غوغل لتصبح آلاف الكتب محملة بلا ترخيص او اذن او حقوق يكفي ان تكون قد كتبت بالعربية.علامة فارقة لتشريع السرقة واستباحة الفكر.
قدلا يسأل معظم المؤلفين عن حقوقهم لأصالة علاقتهم المتنامية بالكتابة ، ربما هي الوهم او الحلم الذي يتغذى به الواقع والهواء الذي يتنفسونه ليبقوا على قيد الحياة.
أليست ظاهرة نشر بعض المؤلفين لكتبهم في المشاع الادبي تستحق التوقف.قد تأتي تضامناً مع تذمر قرائهم من تردي الاوضاع المعيشية التي جعلت اقتناء الكتب ترفاً يتعذر نيله ، لكنها في جانب آخر وسيلة استعادة لحقوق مسلوبة من ناشرين استولوا على حقوقهم.ناشرون قلة يحترمون اصول الابداع الفكري بعقود مبرمجة بنسخ محددة يحصل المؤلف على نسبة من مبيعاتها ويتواصلون من اصحاب المؤلفات الاجنبية لترجمتها بأمانة ، هم قلة قليلة لكنهم الخميرة المتبقية ، اذا ما قيض لهم الاستمرار وهم يسيرون عكس رياح الكسب السريع.
ان تكون كاتباً في زمن شحت فيه الثقافة والمعرفة يعني ان تصارع الحياة بيومياتها الشاقة لتخرج من سلاسل العبودية الى فضاءالحرية بالكتابة.  خارج فضاءات مواقع التواصل في قاعات معرضها تطل بيروت بجانبها الآخر المتلاشي كفعل ثقافي حيوي في بناء الفكرة واثارة النقاش حول كل ما يدور في المحيط لا بل في العالم .كان يقصدها المثقفون لعقد مؤتمراتهم من كافة الدول لتمتعها بشعاع الفكر وفضاء الحرية.
كيف نخرج الى فضاءات الحرية في بلاد اسيرة العتمة والسرقات المفضوحة المتسترة بالصمت والذل اليومي؟
ماذا يخفي المشهد البيروتي العابق برائحة الحبر الذي سال على كتب من كل نوع ولون .
هل عادت بيروت التي عرفناها عاصمة للنشر والعلم والمعرفة ؟
ألا يجدر ان نطرح السؤال عن جديد الاصدارات واكثرها رواجاً لدى القراء؟
أي نوع من الكتب سيخرج الى الضؤ في بلاد اظلم نورها؟ وعن اي ثقافة ممكن ان نتحدث حيث بات العيش  عبئاً على قاطنين يعدون اياماً قليلة تعبر دون إذلالهم.
الكتابة فعل تفريغ واسلوب عيش والا لتوقف هذا الزبد الابداعي الفائض للبنانيين مقيمين ولمغتربين ما زالت اواصر الكتابة تربطهم بلغة تمسكوا بها وبوطن لم يحفظ ادنى حقوقهم.
تتنفس بيروت بمعرض الكتاب دون ان تستفيق من كبوتها.
لا بل قد تفضح المشهدية ما آلت اليه المناسبة مقارنة مع معارض الكتب العربية بعدما كان معرض بيروت مناسبة يتحلق حولها العرب من دول العالم اجمع فتقلصت مشاركتهم بفعل الازمات المتمادية.
غربة بين الشباب والكتاب لا بل بينهم وبين لغتهم الام كيف نردمها؟ وهل تكفي الجوائز المتواضعة او المنح الاجنبية لتحريك الوصل المقطوع بين جيل شبابي يكتب بلغات العالم ولا يعرف لغته الام؟
نافذة معرض بيروت المفتوحة على عالم النشر كمطبعة للشرق قبل زمن تثير في النفس نوازع متناقضة.ليس فقط لمن هو مثلي يرى من بعيد حركة كانت جزءاً من ديمومته على مدى سنوات قبل الانهيار الكبير والزلزال الذي تلاه .كان معرض بيروت للكتاب محطة سنوية نربط روزناماتنا على وقعها كل عام. تطل علينا وجوه الاصدقاء من الاعلاميين والكتاب والناشرين كعرس ثقافي تضج به اجنحة المعرض ويتمدد الى كل ملتقى ومقهى لا بل لمعظم بيوت الكتاب والناشرين في مدينة الحرف .
تصل الصور متناقضة اليوم ، أتلقفها عبر صفحات التواصل الاجتماعي بحزن الابتعاد عن مشاركة شعراءوكتاب هم اصدقاء الكتابة حتى قبل معرفتهم الشخصية.
يشكو اللبنانيون غلاء الكتب.
تكثر احتفالات التوقيع ،هي فرصة التقاء حول الكتاب ، قد تخرج عن سياقها عندما تصبح فرصة ترويج تجعل من الكتاب سلعة.
يشكو الصحافيون والمهتمون نوعية النشر ،يشكو الناشرون غلاء تكاليف المعارض وصناعة الكتاب .
الكل يشكو من الكل في بلاد العذاب ما دامت الضوابط مفقودة والفوارق شاسعة وكل ما نشهده خطوة للخلف مقارنة مع ما سبقه.ثمة قائل بأن الخطوة تنطوي على مغامرة وجرأة تُحسب لكل من أعلى للكلمة شأناً حيثما تُستباح المعرفة وتنهار القيم.

قد يهمك أيضا

معرض بيروت الدولي للكتاب يفتتح دورته الـ 58

 

المملكة السعودية تشارك في معرض بيروت الدولي للكتاب

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها



GMT 08:05 2023 الإثنين ,30 تشرين الأول / أكتوبر

لم يعد مهمّاً بعد اليوم أن يحبّنا أحد

GMT 06:45 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لماذا أكتب لك؟؟ وأنت بعيد!!

GMT 06:41 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أنا النزيل الأعمى على حروف الهجاء ( في رثاء أمي الراحلة)

GMT 10:22 2023 السبت ,26 آب / أغسطس

أنت الوحيد

GMT 13:41 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

صيحة البسوس وشهرة نساء بني تميم في العصر الجاهلية

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 06:07 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

صادرات الحبوب الأوكرانية تقفز 59% في أكتوبر

GMT 06:23 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

صندوق النقد يتوقع نمو اقتصاد الإمارات بنسبة 5.1% في 2025

GMT 06:50 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لتحديد أفضل وقت لحجز رحلاتكم السياحية بسعر مناسب

GMT 04:32 2020 الإثنين ,23 آذار/ مارس

ستائر غرف نوم موديل 2020

GMT 15:48 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتسرّع في خوض مغامرة مهنية قبل أن تتأكد من دقة معلوماتك

GMT 05:27 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تشن حملة ضد ممثلة نشرت صورها دون الحجاب

GMT 07:16 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

الهاتف "ري فلكس" يطوى ليقلب الصفحات مثل الكتاب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib