تحوُّلات غير مسبوقة في سوق الطاقة العالمية
آخر تحديث GMT 10:28:48
المغرب اليوم -

تحوُّلات غير مسبوقة في سوق الطاقة العالمية

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - تحوُّلات غير مسبوقة في سوق الطاقة العالمية

طاقة الرياح
الرياض - المغرب اليوم

تعتمد سنغافورة على الغاز المستورد في توليد 95 في المائة من الكهرباء التي تحتاجها، مما يجعل مستهلكي الطاقة في البلاد معرضين لتقلبات أسعار النفط والغاز العالمية. ومع ضيق مساحات الأرض على الجزيرة الآسيوية، يهدف استثمار بقيمة 20 مليار دولار لتوفير الكهرباء لسنغافورة عبر ربطها بكابل بحري مع محطة للطاقة الشمسية تقام في أستراليا. هذه المحطة الشمسية ستكون الأضخم عالمياً بمساحة تقارب 15 ألف هكتار، وستولد نحو 10 غيغاواط من الطاقة تكفي لتوفير 20 في المائة من حاجة سنغافورة للكهرباء.

وعلى الأراضي الأسترالية أيضاً، تسعى شركة مطورة لإقامة أضخم محطة هجينة، تعمل بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لتوليد الكهرباء والاستفادة منها جزئياً في إنتاج الوقود الهيدروجيني عن طريق تحليل الماء. وتهدف فكرة المشروع، الذي تبلغ استطاعته 15 غيغاواط، إلى تغيير موقع أستراليا على خريطة الطاقة العالمية من بلد مصدِّر للفحم والغاز الطبيعي إلى بلد رائد في إنتاج الطاقة النظيفة.

وتشير التقديرات إلى أن استغلال أراضي الصحراء الكبرى في شمال أفريقيا عبر إقامة مزارع ريحية ومحطات للألواح الكهروضوئية يكفي وحده لتلبية احتياجات العالم من الطاقة بجميع أشكالها. وفي الولايات المتحدة، تثبت الطاقة الشمسية أنها المصدر الأكثر استقطاباً للاستثمارات الجديدة، متقدمة على الغاز الطبيعي وطاقة الرياح، على الرغم من الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الألواح الشمسية المستوردة.

إن محطات الطاقة المتجددة المنتشرة حول العالم، مثل نور ورزازات في المغرب، إلى جانب المشاريع الضخمة في الهند والصين والمكسيك والولايات المتحدة والسعودية والإمارات، أخذت تشغل مساحات واسعة من الأراضي وتمتد ضمن المناطق الساحلية لتغيُّر فعلياً خريطة الطاقة العالمية، مع ما يعنيه ذلك مستقبلاً من تبدلات جيوسياسية.

وإذا ما استبعدنا التدخل الحكومي في توجيه مزيج الطاقة في كل بلد عبر الدعم المالي، فتتحول الطاقة المتجددة سريعاً إلى المصدر الأرخص والأكثر جدوى للحصول على الكهرباء. ولمدة 300 يوم متتالية، نجحت كوستاريكا في توليد الكهرباء باستخدام مزيج من الطاقة الكهرومائية وطاقة الحرارة الأرضية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، من دون الحاجة إلى حرق الوقود.

وبشكل مشابه، اختبرت البرتغال بنجاح الاعتماد على الطاقة المتجددة لمدة أربعة أيام، وكذلك فعلت بريطانيا التي استمرت في توليد الكهرباء لمدة ألف ساعة من دون حرق الفحم. وفي الولايات المتحدة، أصبحت عروض تركيبات الطاقة المتجددة منخفضة للغاية، حتى أن تكلفة توليد الكهرباء من طاقة الرياح مع تخزينها للاستخدام في ساعات الذروة في كولورادو تراجعت إلى ما دون 75 في المائة من تكلفة إنتاج الكهرباء بحرق الفحم. ومع انخفاض تكاليف توليد الكهرباء من المصادر المتجددة، لا سيما الطاقة الشمسية، أصبح تحوُّل العالم إلى المصادر المتجددة لتلبية معظم احتياجاته هدفاً قريب المنال. ويخلص تحليل لمعهد روكي ماونتن، نشره المنتدى الاقتصادي العالمي في 2018، إلى ضرورة مراجعة جدوى الاستثمار في تعديل البنى التحتية للتحول من الفحم إلى الغاز الطبيعي كمصدر للطاقة في محطات توليد الكهرباء. ويتوقع التحليل أن تفعل الطاقة المتجددة بالغاز الطبيعي ما فعله الأخير بالفحم، لأن مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح تتمتع الآن بأدنى التكاليف مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى.

وفيما تشير التقديرات إلى أن مستقبل الصناعات سيرتبط إلى حد بعيد بقدرة البلدان على إنتاج أو توريد الألواح الشمسية والبطاريات، أصبح الاستثمار في الطاقة الشمسية فرصة واعدة في الكثير من البلدان التي توفر المزيد من التسهيلات للتوصيل بين شبكات الكهرباء المحلية، كما في ألمانيا والولايات المتحدة. وأياً تكن المقاصد والأغراض، فإن هذه الشبكات المحلية في طريقها لتصبح شبكة عالمية مترابطة شأنها شأن الإنترنت، وهذا سيجعل تخزين الطاقة هدفاً تقنياً استراتيجياً تسعى إليه الشركات والدول.

هذا الصعود السريع للطاقة المتجددة، بفضل جدواها الفنية والمالية، سيدفع سوق الطاقة العالمية للقيام بتحولات غير مسبوقة، مثلما فعلت ألمانيا بإعلانها إغلاق جميع محطات طاقة الفحم على أراضيها خلال 20 سنة، وكما فعلت الهند بالتخلي عن خطط بناء المحطات العاملة على الفحم بسبب انخفاض تكلفة الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية.

وفي اليابان، يجري تنفيذ مشروع لإقامة 11 محطة شمسية و10 مزارع ريحية على أراض مهجورة أو ملوثة في مقاطعة فوكوشيما. ويهدف المشروع الجديد، الذي تبلغ قيمته 2.7 مليار دولار، إلى تحويل المنطقة، التي شهدت واحدة من أسوأ الكوارث النووية سنة 2011، إلى مركز للطاقة المتجددة في إطار خطة المقاطعة بالحصول على كامل طاقتها الكهربائية من مصادر متجددة بحلول 2040.

حتى في أكثر الدول اعتماداً على الوقود الأحفوري، تعمل كل من السعودية والإمارات على ضخ استثمارات ضخمة في مشاريع الطاقة المتجددة داخل البلاد وخارجها. وفي إطار التحوُّل للاعتماد على الطاقة المتجددة بنسبة 75 في المائة بحلول 2050 تبنى الإمارات ما قد يصبح أضخم مجمع للطاقة الشمسية باستطاعة تصل إلى 5000 ميغاواط في سنة 2030. وفي السعودية، من المتوقع أن تبلغ الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة خلال السنوات الخمس القادمة ما بين 30 و40 مليار دولار، علما بأن البلاد تسعى للاعتماد على الطاقة المتجددة بنسبة 30 في المائة بحلول 2030.

وفي طريقها لتحقيق هدفها بزيادة مساهمة الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء لتصبح 42 في المائة بحلول 2035، تعمل مصر حالياً على تنفيذ مجموعة من مشاريع الطاقة العملاقة. ويتصدر هذه المشاريع محطة الطاقة الشمسية الأضخم عالمياً في بنبان بأسوان، التي ستولد 1600 ميغاواط بتقنية الخلايا الكهروضوئية، ومحطة طاقة الرياح الأضخم عالمياً في جبل الزيت بالبحر الأحمر التي تصل قدرتها الإجمالية إلى 580 ميغاواط.

وتنعكس تحوُّلات سوق الطاقة العالمية على توجهات مؤسسات التمويل الدولية، التي تحاول الابتعاد شيئا فشيئاً عن الاستثمارات الملوثة في مقابل توفير السندات الخضراء وتقديم التسهيلات للمشاريع التي تراعي الاعتبارات البيئية. وكان بنك الاستثمار الأوروبي أعلن أنه سيخصص، اعتباراً من سنة 2021. مبلغ 1.1 تريليون دولار لاستثمارات مواجهة تغيُّر المناخ، بما في ذلك مشاريع الطاقة المتجددة ومشاريع التكيف مع التغيُّر المناخي. ويدخل في هذا الإطار تطوير تقنيات مأمونة وغير مُكلفة لجمع الكربون من عمليات حرق الوقود، وتخزينه على نحو سليم. وهذا تطوُّر ضروري، إذ سيبقى للنفط والغاز دورٌ مهم في مزيج الطاقة.

لقد أبرزت التطورات المتسارعة في قطاع الطاقة الحاجة إلى مواكبة التغيُّرات الحاصلة بأساليب غير تقليدية، تقوم على تنويع مصادر الطاقة بما يناسب أوضاعها والتزاماتها الدولية. ووحدها البلدان التي تعمل في الوقت المناسب وتحدّث سياساتها قبل فوات الأوان يمكنها الفوز بموقع على خريطة الطاقة العالمية الجديدة. وفي جميع الحالات، يبقى ربط الشبكات على المستوى الإقليمي من أهمّ ضرورات تحقيق كفاءة إنتاج الكهرباء واستهلاكها، مهما كان المصدر.

وقد يهمك ايضا:

المغرب يحقق تقدمًا ملموسًا في مستقبل الطاقات المتجددة بسبب أكبر برج في الطاقة الشمسية

ماهر إيزارين .. "دكتور كيمياء" يجدد خلايا الطاقة الشمسية بألمانيا

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحوُّلات غير مسبوقة في سوق الطاقة العالمية تحوُّلات غير مسبوقة في سوق الطاقة العالمية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
المغرب اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب

GMT 19:58 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تكشف عن قدرات النمل في علاج نفسه والنباتات

GMT 16:57 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تأجيل مباراة الرجاء البيضاوي ورجاء بني ملال

GMT 13:23 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لعبة SPIDER-MAN الأكثر مبيعا داخل اليابان في سبتمبر

GMT 15:35 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

وفاة شخص في حادثة سير خطيرة وسط الدار البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib