حينما يعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم، اليوم الأربعاء، فوز السعودية باستضافة كأس العالم 2034، ستكون العين على الفوائد التي ستجنيها البلاد من هذه الخطوة التاريخية، ومن ذلك الفوائد الاقتصادية.
وتعد استضافة كأس العالم فرصة للدول، ليس لإبراز مكانتها الرياضية فحسب، ولكن أيضاً بصفتها وسيلة لتعزيز الاقتصاد الوطني، وتنويع مصادر الدخل، وزيادة الاستثمارات الأجنبية.
مع وجود «رؤية 2030» بصفتها إطار عمل شاملاً، يُتوقع أن تكون البطولة نقطة تحول نحو تحقيق تطلعات المملكة الاقتصادية والاجتماعية.
وتُعد السياحة واحدة من أبرز القطاعات التي ستستفيد من استضافة الحدث. ويُتوقع أن يؤدي كأس العالم إلى جذب ملايين الزوار من جميع أنحاء العالم، ما يُعزز إشغال الفنادق، ويرفع الطلب على خدمات السفر والمواصلات والمطاعم.
ووفقاً لتقارير سابقة لمنظمة السياحة العالمية، فإن الأحداث الكبرى مثل كأس العالم تسهم في زيادة أعداد السياح بنسبة تصل إلى 30 في المائة في السنوات التي تسبق البطولة وخلالها.
وبالنسبة للمملكة العربية لسعودية، يُتوقع أن تستفيد المدن المستضيفة من هذا الزخم، مع تحسين البنية التحتية السياحية لجذب مزيد من الزوّار على المدى الطويل.
وقال يوسف الرشيد، المتخصص في الإدارة والتسويق الرياضي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أننا في السنوات الأخيرة تمكنا من وضع هذا الوطن الكبير بجغرافيته وتنوع ثقافاته في مكانة مميزة في قطاع السياحة العالمية».
وأضاف: «لقد بدأنا ننافس كثيراً من الدول المتقدمة سياحياً، وبالتأكيد ستسهم كأس العالم في إبراز الوجه السياحي الجاذب للعالم أجمع، عبر تسويق ذكي وتطوير مستدام للبنية التحتية السياحية للمدن المستضيفة للمباريات والتدريبات».
وتابع: «هذا سيسهم بلا شك في جعل السعودية بثقافتها وتراثها وتنوع تجاربها السياحية وجهة رئيسة للسياحة العالمية، وتحقيق مكاسب طويلة الأمد بعد البطولة».
وتمثل استضافة كأس العالم فرصة لتعزيز مكانة السعودية بوصفها مركزاً للاستثمار الأجنبي، فإنفاق مليارات الدولارات على تطوير البنية التحتية، بما في ذلك بناء أو تجديد الملاعب، وتعزيز النقل العام، وتحسين الخدمات اللوجستية، سيجذب انتباه الشركات العالمية الراغبة في دخول السوق السعودية.
ويُتوقع أن تجذب المملكة مستثمرين في قطاعات مثل السياحة، الرياضة، والتكنولوجيا، ما يُعزز التنوع الاقتصادي ضمن «رؤية 2030».
وعلى الرغم من الفوائد الاقتصادية المتوقعة، فإن التحديات تظل قائمة، بما في ذلك إدارة التكاليف الكبيرة، وتجنب الاستثمارات غير المستدامة.
وعن ذلك، يؤكد الرشيد أن ضمان استدامة هذه الاستثمارات العملاقة لمستقبل أطول يمتد لعقود من الزمن، مرتبط بمعيارين مهمين، وهما التخطيط الاستراتيجي الأمثل، والتصميم.
وأفاد: «التخطيط الاستراتيجي للبنى التحتية منذ البداية هو حقيقة، نستطيع أن نلمسها عبر الملف السعودي، الذي يراعي الاحتياج الحالي والمستقبلي».
وأردف: «أما التصميم فهو يراعي الاحتياج الخاص بالبطولة والنمو المستقبلي في وطن يُعد من أسرع الاقتصاديات نمواً على مستوى العالم، وأيضاً التركيز على تصاميم تراعي استخدامات الطاقة المتجددة المستدامة».
وتابع: «كما أن تنفيذ هذه الاستثمارات عبر شراكات تجارية طويلة الأجل مع القطاع الخاص سيسهم في بناء منظومة اقتصادية محفزة أيضاً للقطاعات التجارية الأخرى غير النفطية».
وأكمل: «هذا من شأنه التخفيف على حجم الإنفاق الحكومي على البطولة، من خلال استثمارات القطاع الخاص أو عبر عوائد البطولة المضمونة».
وبسؤاله عن الخطوات التي يجب اتخاذها لتكون استضافة كأس العالم 2034 نموذجاً يُحتذى به في التخطيط والتنفيذ، أجاب: «أجزم بأن أهم خطوة يجب أن تُبنى عليها خطط التنظيم مستقبلاً هي الدروس المستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في تنظيم المونديال أو المسابقات الرياضية الكبرى، وتحليل نتائجها الإيجابية وتعزيزها، أو السلبية وتفاديها، ومن ثم نبدأ بوضع خطط شاملة ومبكرة للتنظيم».
واستطرد: «تنفيذ بنية تحتية مستدامة يعتمد بشكل كبير على الاستدامة والطاقة البديلة، وذلك سوف يسهم في تميز الاستضافة بوصفها نموذجاً حديثاً».
وشدد: «الجماهير وتجارب الزيارة والتشجيع مهم أيضاً؛ لذا تطوير هذه التجارب وتسهيلها ورقمنتها سيخلق تجربة تشجيع فريدة».
وسيؤدي استضافة مثل هذا الحدث إلى خلق آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة. ويشمل ذلك فرص العمل في مجالات البناء، والضيافة، والأمن، والخدمات المرتبطة بالبطولة.
علاوة على ذلك، سيتم تدريب أعداد كبيرة من الشباب على مهارات جديدة، ما يُسهم في رفع مستوى الكفاءة في سوق العمل المحلية. واختتم الرشيد حديثه قائلاً: «هناك عناصر مهمة يجب العناية بها، كالثقافة السعودية وكيفية تعزيزها وإبرازها في هذا المحفل الكبير والترويج لها، ولن يجب إغفال أن نجاح الحدث يعتمد كثيراً على العنصر البشري؛ لذا الاهتمام بالقوى الميدانية والإدارية وتأهيلها منذ الآن استعداداً للبطولة والمشاركة في التنظيم بكل المستويات مهم جداً».
قد يهمك أيضا:
فيفا تُعلن أن ملف السعودية لتنظيم كأس العالم 2034 يوصف «شهادة إنصاف»
الأهلي السعودي يسعّي لضم فينيسيوس جونيور قبل إستضافة كأس العالم 2034
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر