في خطوة على الطريق الصحيح نحو استضافة مميزة للحدث الكروي الكبير، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أن ملف السعودية لتنظيم «كأس العالم 2034» حصل على تقييم 419.8 من 500، وهو الأعلى في تاريخ الملفات المُقدَّمة لاستضافة البطولة.
هذا الإنجاز يأتي تمهيداً لاختيار الدول المستضيفة لبطولتَي كأس العالم 2030 و2034 في اجتماع الجمعية العمومية لـ«فيفا»، يوم 11 ديسمبر (كانون الأول) 2024.
ومع تقييمه القياسي، يعد ملف المملكة لاستضافة «كأس العالم 2034» فرصةً لتعزيز الاقتصاد، وتطوير البنية التحتية، وتسليط الضوء على التنوع الثقافي والجغرافي للمملكة.
الدكتور مقبل الجديع، خبير التسويق الرياضي، أكد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، على أهمية هذا التقييم التاريخي قائلاً: «إعلان حصول الملف السعودي على أعلى تقييم في تاريخ ملفات كأس العالم يعني لنا، السعوديين، الشيء الكثير».
السعودية أبدت إلتزامها بتقديم تجربة لا تُنسى للمشجعين في كأس العالم (الشرق الأوسط)
وأضاف الجديع: «هذا يعكس تميز الفريق الذي عمل على الملف بقيادة وزير الرياضة، وإشراف الأمير محمد بن سلمان. هذا الإنجاز يمنحنا ثقة بأن القادم أجمل بإذن الله».
وأردف: «استضافة كأس العالم لن تكون مجرد حدث رياضي، بل فرصة لتحفيز الاقتصاد والسياحة. البنية التحتية في مدننا جاهزة لاستقبال المشجعين، مع توفير تجربة ثقافية وسياحية فريدة».
في السياق ذاته، قدم يوسف الرشيد، متخصص في الإدارة والتسويق الرياضي، لـ«الشرق الأوسط» تحليلاً حول تميز الملف السعودي، قائلاً: «عندما نتحدث عن معايير تقييم الملفات المقدمة لاستضافة كأس العالم، من المهم أن نبدأ من المعايير الرئيسية التي يركز عليها (فيفا)، وهي الشفافية، والجاهزية، والبنية التحتية، والدعم الحكومي، والجوانب التجارية».
وتابع الرشيد: «بالنسبة للملف السعودي، فإن وصوله إلى مرحلة التقييم المتقدم لدى (فيفا) يعكس مدى الجدية التي أظهرها في تحقيق هذه المعايير».
وأكد: «(فيفا) يشترط وجود بنية تحتية رياضية متكاملة، تشمل الملاعب، ومرافق التدريب، ووسائل النقل. الملف السعودي تَميَّز في هذا الجانب، حيث يملك بنيةً تحتيةً جاهزةً على أعلى مستوى، ما يضعه في موقع تنافسي قوي مقارنة بالدول الأخرى. نحن لا نتحدث عن وعود مستقبلية فقط، بل عن جاهزية حقيقية يمكن أن تبدأ في استضافة البطولة من الآن».
وأشار إلى أهمية الدعم الحكومي قائلاً: «أحد أبرز العوامل في الملف السعودي هو الدعم الحكومي، فالمملكة أظهرت التزاماً كاملاً من أعلى المستويات لدعم هذا المشروع الوطني، وهو ما أضفى على الملف مصداقيةً وثقةً عاليتَين بالنسبة لـ(فيفا)».
النجم البرازيلي نيمار ضمن نجوم أشادوا بالأجندة الخضراء لاستضافة المونديال (الشرق الأوسط)
وفي الجانب الاقتصادي، أوضح الرشيد: «الجوانب التجارية للملف السعودي لم تُغفَل، حيث يقدم الملف رؤية اقتصادية واضحة للاستفادة من البطولة؛ لتعزيز القطاعات غير النفطية، بما يتماشى مع (رؤية 2030)».
وأفاد: «استضافة كأس العالم لن تقتصر على الجانب الرياضي فقط، بل ستخلق فرصاً اقتصادية هائلة. نحن نتحدث عن تعزيز قطاع السياحة، وتطوير النقل، واستقطاب استثمارات دولية، وخلق آلاف الوظائف الجديدة. هذا الأثر سيسهم في تحقيق أهداف (رؤية 2030) بتعزيز مساهمة القطاعات غير النفطية في الاقتصاد».
وواصل: «لا ننسى أن (فيفا) يضع معايير لإدارة المخاطر، سواء من حيث الجغرافيا، أو البنية التحتية، أو القدرة على تنظيم البطولة. الملف السعودي تجاوز هذه التحديات بفضل الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية والدعم الحكومي، فضلاً عن موقع المملكة الجغرافي المميز الذي يجعلها وجهةً عالميةً جذابةً».
وأشار الرشيد إلى الإرث المستدام، مبيناً: «الملف السعودي يركز على الإرث المستدام، حيث ستظل المنشآت الرياضية والبنية التحتية قائمةً لخدمة الرياضة والاقتصاد مستقبلاً، وهذا ما رأيناه في تجارب دول أخرى مثل ألمانيا بعد استضافة كأس العالم 2006، والبرازيل في أولمبياد 2016».
وختم حديثه قائلاً: «الملف السعودي يعكس مكانة المملكة العالمية المتنامية. حصوله على تقييمات عالية من (فيفا) ليس مفاجئاً، بل هو نتيجة لعمل جاد، ورؤية طموحة لبناء مستقبل رياضي واقتصادي مزدهر. نحن على أعتاب مرحلة جديدة ستعزز مكانة المملكة بوصفها قوةً رياضيةً عالميةً».
مجسم لملعب الملك سلمان والمقرر له استضافة افتتاح ونهائي كأس العالم 2034 (واس)
ملف الاستضافة حظي بدعم لا محدود من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مما مكّن المملكة من تقديم ملف استثنائي حظي بثقة المجتمع الدولي.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أجرى وفد «فيفا» زيارةً تفقديةً شملت المدن السعودية التي ستستضيف المباريات، واطلع على المشروعات والمرافق الرياضية المدرجة ضمن الملف، إضافة إلى الخطط الشاملة لاستضافة البطولة التي ستشهد لأول مرة مشاركة 48 منتخباً في دولة واحدة.
الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، وزير الرياضة، علّق على هذا الإنجاز قائلاً: «هذا النجاح يعكس التعاون الكبير بين مختلف قطاعات الدولة، والطاقة التي يتحلى بها المواطن السعودي لتقديم أبهى صورة عن مملكتنا الحبيبة. نحن نعمل على تقديم نسخة استثنائية من الحدث الكروي العالمي».
الشغف السعودي يتخطى حدود الفوز بالاستضافة إلى التميز والإبهار (مانجا)
من جهته، أشار ياسر المسحل، رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، إلى أن حصول المملكة على هذا التقييم يعكس اهتمام القيادة ودعمها للرياضة.
وأضاف المسحل: «نحن ملتزمون بتقديم تجربة لا تُنسى لجميع المشاركين، وإظهار التراث الثقافي والحضاري للمملكة».
من جانبه، قال حمّاد البلوي، رئيس وحدة ملف الترشح: «نفخر اليوم بهذا التقييم الذي يعكس جهود المملكة في تقديم أعلى المعايير الفنية عبر ملف الترشح، إذ حرصنا من خلال الملف على تقديم كل الإمكانات التي من شأنها النهوض بلعبة كرة القدم وتقديم تجربة متميزة، من خلال توفير ملاعب ومرافق رياضية متكاملة وفق أعلى المواصفات الهندسية والفنية، مراعين بذلك أعلى معايير السلامة والحقوق لجميع المشاركين في تنظيم البطولة».
وكانت المملكة قد سلَّمت ملف ترشحها رسميّاً لاستضافة بطولة كأس العالم 2034 في يوليو (تموز) الماضي تحت شعار «معاً ننمو»، الذي كشفت فيه عن خططها الطموحة لاستضافة البطولة الأهم بعالم كرة القدم في 15 ملعباً في 5 مدن مستضيفة، هي: الرياض، وجدة، والخبر، وأبها، ونيوم، بالإضافة إلى 10 مواقع استضافة أخرى عبر المملكة.
ومن المتوقع أن يكون يوم 11 ديسمبر، موعد الإعلان الرسمي، يوماً تاريخياً يُضاف إلى سلسلة النجاحات التي تحققها المملكة في المجالات الرياضية والاقتصادية.
قد يهمك أيضا:
الشباب يستضيف الهلال في قمة مثيرة بالدوري السعودي
ثنائية رونالدو تقود النصر لاستعادة توازنه في الدوري السعودي على حساب الوحدة
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر